يبدو أن مضمون هذه العبارة لا ينطبق فقط على الوضع السياسي الجزائري وإنما ينطبق أيضا على إنشاء مقرات عربية أو أجنبية للثقافة والفكر والفن وإنتاج المعرفة وغيرها من المجالات في هذا البلد.العرب أزراج عمر [نُشر في 2017/06/09، العدد: 10658، ص(15)] لماذا هذا الإهمال القاسي للمعهد العالي العربي للترجمة التابع للجامعة العربية من طرف المسؤولين في الجزائر، علما أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة هو الذي ألحّ على أمانتها العامة أن يكون مقره في الجزائر؟ ولماذا يبقى هذا المعهد بلا مقر لائق به وبلا ميزانية محترمة ومخصصة لتكوين المترجمين والمترجمات ولترجمة أهم الكتب من اللغات الحية إلى اللغة العربية لتستفيد منها أجيال الشباب والشابات؟ ألا يذكرنا هذا الوضع بالعبارة الشهيرة التي تلفظ بها يوما السياسي الجزائري الراحل محمد الشريف مساعدية وهي “إذا أردت أن تميّع أي قضية مهمة في الجزائر فأنشئ لها لجنة”؟ ويبدو أن مضمون هذه العبارة لا ينطبق فقط على الوضع السياسي الجزائري وإنما ينطبق أيضا على إنشاء مقرات عربية أو أجنبية للثقافة والفكر والفن وإنتاج المعرفة وغيرها من المجالات في هذا البلد. لقد تذكرت هذه العبارة وأنا أقرأ الحوار الذي أجراه الإعلامي الجزائري صالح عزوز لمجلة “الشروق العربي” الجزائرية مؤخرا مع مديرة المعهد العالي العربي بالجزائر الدكتورة إنعام بيوض. ففي هذا الحوار الصريح تحدثت بيوض عن المعاناة القاسية التي يعاني منها هذا المعهد الذي تديره رغم الجهود والمساعي التي بذلتها ولا تزال تبذلها من أجل جعله قلعة تزدهر في أحضانها ترجمة أمهات المؤلفات من اللغات الحية إلى اللغة العربية، وكذا تكوين المترجمين الأكفاء الذين سيحملون مشعل تغذية الثقافة ببلداننا بأرقى وأبرز ما أنجزه العقل البشري في مختلف أقطار المعمورة. لا شك أن مديرة المعهد العالي العربي بالجزائر الدكتور إنعام بيوض تعد من الشخصيات المثقفة المخلصة والكفأة في البلاد ولكن لا يصغى لها، وجراء ذلك فإن هذا المعهد التابع أصلا للجامعة العربية يعاني من مشكلات حادة تتصل بانعدام المقر اللائق رغم توفر قطعة الأرض المخصصة له. وفي هذا الخصوص تقول في حوارها بأن مشكلة المقر “هي من المشكلات العويصة التي تعترضنا اليوم، صحيح تحصلنا على قطعة أرض في مكان راق جدا، لكن لا نملك إمكانية البناء، قدّمنا طلبا للجامعة العربية لكي تفتح صندوقا خاصا، لكن لا حياة لمن تنادي، لذا من الصعب أن نستغل هذه القطعة في الوقت الراهن”. أما دعم مشاريع الترجمة الكبرى فشبه غائب حسب تصريحاتها، وفضلا عن ذلك فإن هناك من يعارض وجود هذا المعهد في الجزائر أصلا كما توضح في هذا الحوار “توجد في الجزائر تيارات كثيرة، منها التيار الفرنكوفوني القوي إلى جانب تيار التعريب، وكلاهما على خطأ، لأن لكل واحد منهما جانبا أصوليا إلى حد ما، كان من المفروض ألا يكون هناك تمييز لغوي ولساني باعتبار أنّ اللغة وعاء، وهذا التمييز زاد من حجم الهوّة…”. كاتب جزائريأزراج عمر
مشاركة :