التصحر الثقافي في الجزائر بقلم: أزراج عمر

  • 11/17/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الحاضر لا يوجد في الجزائر شيء اسمه العمل الثقافي والفكري والفني ما عدا بعض الندوات المحتشمة، والتي تسند عشوائيا إلى أشخاص لا علاقة لهم بالثقافة أو الفكر أو الفن.العرب أزراج عمر [نُشر في 2017/11/17، العدد: 10815، ص(15)] تمر الجزائر، على مدى العقدين الأخيرين، بمرحلة تكريس التصحر الثقافي والفني والفكري سواء على مستوى مؤسسات ما يسمى بالمجتمع المدني أو على مستوى المؤسسات الرسمية التابعة للدولة، وذلك مقارنة بما شاهدته الحياة الثقافية الوطنية وخاصة في فترات الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي من محاولات واعدة كان هدفها الأساسي هو تشجيع المثقفين والأدباء والفنانين الجزائريين على الإنتاج الثقافي، فضلا عن توفير المناخ المؤدي إلى التفتح على الروافد الثقافية والفكرية والفنية التي كان يتميز بها المشهد الثقافي والفكري العربي. ويلاحظ الراصد أن هناك عناصر مهمة في المشهد الثقافي الجزائري قد اختفت نهائيا أما ما تبقى منها فإنها مصابة بالكساح الثقافي والفكري والفني. في هذا المناخ السيء اختفت من الساحة الجزائرية المجلات الأدبية والفكرية والفنية الشهرية والفصلية والملاحق الثقافية التي كانت تصل بانتظام من الدول العربية، وعلى وجه الخصوص من مصر وسوريا ولبنان والعراق الكويت ومن فرنسا أيضا، كما توقفت المجلات الثقافية الشهرية، والملاحق الأدبية والفكرية والفنية الأسبوعية التي كانت ترعاها الجرائد الجزائرية اليومية ويشرف عليها كتّاب ومحررون ثقافيون متمتعون بالكفاءة والنضج والمصداقية. لقد ماتت أيضا النشاطات الثقافية الخصبة وخاصة تلك التي كانت تمارس من خلال الندوات الثقافية والفكرية والأدبية والفنية الأسبوعية والشهرية التي كانت تشرف على تنظيمها وتنشيطها وزارة الثقافة، ووزارة التعليم العالي، ووزارة العمل، واتحاد الكتّاب الجزائريين، والأمانات الوطنية التابعة للمنظمات الجماهيرية، والاتحادات المهنية والثقافية والفنية، وكان يدعى إليها كتّاب وأدباء ومفكرون وفنانون بارزون من المشرق العربي إلى جانب شخصيات فكرية وأدبية وفنية أجنبية كانت تعتبر في ذلك الزمان من بين ألمع أقطاب الأدب والفكر والفن. في الوقت الحاضر لا يوجد في الجزائر شيء اسمه العمل الثقافي والفكري والفني ما عدا بعض الندوات المحتشمة، والتي تسند عشوائيا إلى أشخاص لا علاقة لهم بالثقافة أو الفكر أو الفن، وجراء هذا فقد أصيبت الحركة الثقافية الجزائرية بالكساح مما أدى إلى نتائج وخيمة وفي مقدمتها انتشار الفراغ الثقافي في المدن والأرياف، وعدم بلورة حياة فكرية وأدبية وفنية ذات هوية جزائرية متطورة قادرة على الإضافة الإبداعية عربيا ودوليا، وعلى تشكيل الوعي الحداثي لدى الأجيال الجديدة في المجتمع الجزائري، التي يفترض أنها المرشحة للقيام بالتفاعل والحوار مع الفكر والأدب وشتى أشكال التعبيرات الثقافية. والأدهى والأمرّ هو أن الصفحات التي تخصصها الصحف الجزائرية للثقافة لا تتوفر على أي رؤية ثقافية وفكرية. كاتب جزائريأزراج عمر

مشاركة :