خلال جولة في عدد من الدواوين للتهنئة بقدوم شهر رمضان، التقيت بعدة فعاليات اقتصادية وكبار السن ممن يملكون خبرة طويلة بالسوق العقارية، باختصار كان الحديث غالباً يدور حول أسعار العقار وعلاقتها بالأحداث الاقتصادية والسياسية الراهنة، وكان هناك فريقان: الأول: متشائم، يتوقع انخفاض أسعار العقار الاستثماري والتجاري نتيجة عوامل عديدة، منها اقتصادية، مثل استمرار انخفاض أسعار النفط ولجوء الدولة للاقتراض لسدّ العجز بالميزانية، مما ينبئ بانكماش الدورة الاقتصادية داخل الدولة. الثاني: متفائل بطرح الدولة مشاريع ضخمة ساعدت بحسب قوله على ثبات أسعار العقارات الاستثمارية والتجارية، كما أنه لا توجد فرص استثمارية مناسبة غير العقار حالياً (انتهى). أعتقد أن التشاؤم المفرط غير دقيق للمرحلة الحالية لعدة أسباب: مرت على الكويت منذ السبعينات وبداية الثمانينات عدة أزمات اقتصادية، مثل أزمة سوق المناخ التي كلفت الدولة ملايين الدنانير، ثم حشود الجيش العراقي بالتسعينات، ثم انخفاض أسعار النفط إلى( 7 – 9 دولارات) في نهاية التسعينات، مروراً بالأزمة المالية العالمية عام 2008، ومع ذلك عادت الأسعار كما كانت، بل أعلى، خصوصاً بالقطاع الاستثماري. فالمستثمر طويل المدى لا يخشى الانعكاسات السياسية الاقتصادية، كما أن التفاؤل قد يكون غير مبرر بشكل كبير في هذه الأيام التي مرت عليها أحداث سياسية، خصوصاً قرار عدد من دول مجلس التعاون الخليجي قطع العلاقات مع دولة قطر، وإن كانت الكويت غير مشتركة في هذا الموضوع، ولكن يظل الاقتصاد الكويتي (بشركاته ومؤسساته) ذا علاقة وثيقة باقتصادات دول الخليج. لذلك، ليس من الصواب التفاؤل أو التشاؤم المفرطين، فكل فريق له أدلته وأسبابه.لماذا لا يتم شراء العقارات الضخمة بالمزادات؟ تمّ عرض عدة عقارات ضخمة بالمزادات خلال السنة الماضية: أراض سكنية، أبراج تجارية، أراض استثمارية وتجارية داخل مدينة الكويت وخارجها. السؤال: لماذا لم يتم شراء هذه الأراضي؟ (ماعدا السكن الخاص) مما اضطر بعض الملاّك لتخفيض سعرها أو عدم عرضها مرة أخرى. الإجابة: تنقسم إلى عدة جوانب: الجانب الأول: خاص بالورثة الذين إذا دبّ الخلاف بينهم، إمّا يتم تسويق العقار بشكل خاطئ بالسوق أو عرضه بالمزاد من دون مراعاة الوقت المناسب. الجانب الثاني: خاص بالشركاء، بعض الخلافات التي تدور بين الشركاء تضطرهم للعرض بأسعار أعلى من السوق على الرغم من الانخفاض الحالي للأسعار، مما يصرف المستثمرين عن الشراء. الجانب الثالث: طول إجراءات التقاضي بالمحاكم قد يؤدي إلى عرض العقار بأسعار ما قبل سنة أو سنتين، مما لا يساعد على تسويق العقار بشكل جيّد.لماذا لا تنخفض أسعار العقار بشكل أكبر؟ استمر الارتفاع بأسعار العقار بعد الأزمة العالمية 2008، ومنذ سنة 2010 بالتحديد إلى عام 2014، توقف الارتفاع في عام 2015 ثم بدأ الانخفاض في عام 2016. لكن ما زالت أسعار العقار في عام 2017 مرتفعة عن أسعار الأعوام 2003 حتى 2007 رغم الانخفاض الحالي الذي يشهده السوق! الأسباب في ذلك عديدة، منها: 1 – عدم اقتناع البعض من المستثمرين بتخفيض سعر العقار لعدم وجود التزامات مالية. 2 – ما زال العقار يمثل مخزناً لأمواله واستثماراته، كما لا توجد فرص أخرى استثمارية تستدعي تسييل العقار. 3 – عدم اقتناع بعض المضاربين بالعقار السكني بجدية الحكومة معالجة المشكلة الإسكانية على الرغم من الإنجاز العالي بالتوزيع الإسكاني خلال السنة الماضية. 4 – على الرغم من انخفاض القيم الايجارية بالفلل والعمارات، فما زالت الإيجارات مرتفعة، خصوصاً في المناطق السكنية قياساً بعام 2003، ذلك لعدد الزيجات السنوية المرتفعة (7000 زيجة) ورغبة المواطنين بالسكن بالمناطق السكنية. 5 – ارتفاع عدد مشاريع الدولة (6 مليارات دينار) يعطي انطباع الاستقرار للمستثمرين في العمارات الاستثمارية والتجارية، مما يساعد على زيادة الطلب لهذين النوعين من الاستثمار. سليمان الدليجانaldilaijan@
مشاركة :