تعد منطقتا مكة المكرمة والمدينة المنورة من أكثر المناطق جذبا وترعرعا للثقافات غير السعودية، وذلك كونهما مدينتين يفد إليهما سنويا الملايين من المعتمرين والزوار والحجاج من كافة الدول الإسلامية، وثقافة شراب السوبيا القادمة من أرض الكنانة ترسخت في المجتمع المكي قرابة التسعة عقود من الزمن.وبحسب منصور خضري ابن أحد أشهر صانعي السوبيا في منطقة الحجاز: «تقول الروايات إن الحجاج المصريين عندما كانوا يأتون إلى مكة المكرمة يطلبون مكونات شراب السوبيا وهي من الشعير والخبز الناشف والهيل، ويصنع منها سوبيا بيضاء وحمراء، وكانوا يقدمون هذا المشروب الغريب لأهل مكة المكرمة الذين يجدون فيه طعما لذيذا ومنعشا، ومن هنا كانت الطلبات تنهال على المصريين لمعرفة طريقة تصنيعه».ويضيف خضري: «أصبحت السوبيا مشروب منازل أهل مكة المكرمة ولم يكن لها محال يباع فيها المشروب، حيث إن نطاقه لم يتعد المنازل، حتى اتخذ أحد أبنائها وهو والدي سعيد علي خضري (رحمه الله) خطوة عمليّة في نشر مشروب السوبيا بين الناس عندما احترف صناعتها وبادر بتوزيعها بين معارفهِ وكل من طلبها بعد تذُوّقِها ومعرَفة جودتها من خلاله، حتى ذاع صيته كصانع لها في المجتمع المكي أجمع ومن ثم بدأ تجهيزها وتحضيرها بطريقته الخاصة في محلٍ لا يتجاوز البضعة مترات أمام الحرم المكي الشريف استعداداً لبيعها».وعن طريقة تحضيرها قال الخضري: «صناع السوبيا في الحجاز كثيرون ولكل صانع طريقته الخاصة، ونحن منذ تأسيس والدي لمحله ونحن ملتزمون بطريقته الخاصة وهي بالطبع سرية ولكن لا مانع من شرح الطريقة بشكل عام أنه يتم تقطيع الخبز إلى قطع صغيرة ومن ثم توضع في الماء ويتم تحريكه كل أربع ساعات تقريبا ولمدة 24 ساعة، ومن ثم يتم تصفيته من خلال قطع القماش، ومن هنا تكون لكل صانع سوبيا طريقته الخاصة، فمنهم من يضع الهيل ومنهم من يضع القرفة وهكذا».وأبان منصور خضري أن جامعة أم القرى وقعت معهم مؤخرا اتفاقية لإطلاق تطبيق على وسائل التواصل الاجتماعي لتوصيل سوبيا الخضري للعملاء في منازلهم، وذلك عن طريق توظيف شباب سعودي يقوم بهذه المهمة، وحتى الآن وصل عدد الشباب الذي يعمل في هذا التطبيق أكثر من ثلاثة آلاف شاب.وأكد الخضري أن هذه البرامج الرائدة تساعد في ضمان توصيل المنتج الأصلي للشركة، وحماية المستهلك والقضاء على الغش التجاري، خاصة في ظل وجود أشخاص يستخدمون أسماء شركات للترويج لمنتجات مقلدة تحمل نفس المواصفات.ويعتبر سوبيا الخضري الوحيد في مكة المكرمة الذي يزدحم بالمواطنين والمقيمين خصوصا في شهر رمضان، يقول أيمن البرحاني: «أعمل في محل سوبيا الخضري أكثر من عشرين عاما، حيث يكثر الزبائن في شهر رمضان، نظرا لأن مشروب السوبيا يعد مطلبا أساسيا على مائدة إفطار المكيين، وفي السنوات الأخيرة كان هناك تنسيق مع الجهات الأمنية لضبط الحركة المرورية أمام المحل، نظرا لتكدس مركبات الزبائن، الأمر الذي يستدعي تدخل رجال المرور لتسهيل الحركة المرورية أمام المحل».وأضاف البرحاني: «رأينا في المحل أن نخصص شباكا لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك لإبعادهم عن مواطن الزحام وتسهيلا لتلبية رغباتهم في شراء السوبيا».
مشاركة :