مناقشة إتفاقية تيران وصنافير في البرلمان المصري تثير عاصفة سياسية بقلم: أحمد جمال

  • 6/12/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

الحكومة المصرية ترى أن الاتفاقية لا تنهي الوجود المصري في الجزيرتين.العرب أحمد جمال [نُشر في 2017/06/12، العدد: 10661، ص(2)]أم سعودية القاهرة – كشفت الحكومة المصرية لأول مرة عن أوراق اتفاقية تعيين الحدود مع السعودية، وقدمت للبرلمان، الأحد، المستندات القانونية والدستورية والجغرافية التي دفعتها للتوقيع عليها العام الماضي، في محاولة لكبح جماح المعارضين في مصر، بالتوازي مع بدء مجلس النواب مناقشة الاتفاقية. وتزامنت هذه الخطوة مع تزايد الاحتجاجات وسط قطاع كبير من المواطنين والأحزاب السياسية، اعتراضا على مناقشة البرلمان للاتفاقية، وهو ما أوحى لكثيرين أنها الخطوة الأولى لتسليم جزيرتي تيران وصنافير للرياض. وأعلنت أحزاب سياسية ومنظمات في المجتمع المدني عزمها الاعتصام والتظاهر في أماكن عامة، والحشد على مواقع التواصل الاجتماعي لإثناء الحكومة عن تسليم الجزيرتين رسميا، والتمسك بأحكام القضاء الذي قضت بعض دوائره بمصرية الجزيرتين. وقالت الحكومة في تقريرها إن الاتفاقية تنهي فقط الجزء الخاص بالسيادة، ولا تنهى مبررات وضرورات حماية مصر لهذه المنطقة لدواعي الأمن القومي المصري السعودي في الوقت نفسه، وهو ما يفهمه الجانب السعودي لحماية مدخل خليج العقبة. وأوضح طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة لـ”العرب”، أن تقرير الحكومة الذي أرسلته للبرلمان “استرشادي بالدرجة الأولى، وتوجد رغبة سياسية بأن يكون هناك نقاش مجتمعي واسع حول الاتفاقية قبل أن يتم إقرارها، في محاولة لامتصاص حالة الغضب الموجودة حاليا”. وأكد أن الحكومة تفتح ملف تيران وصنافير هذه المرة، وهي تدرك أن آخر مرة تحركت فيها الجماهير تم بصورة أفزعتها سياسيا، وتحاول الخروج من المعضلة الحالية بأقل الخسائر. وفي محاولة منها لتخفيف وطأة ما جاء في الاتفاقية على جموع كبيرة من المصريين، لفتت الحكومة إلى أن المصريين لن يحتاجوا لتأشيرة للذهاب إلى تيران وصنافير، لأن نقل السيادة للسعودية لا يمنع مصر من ممارسة حق الإدارة عليها، والاتفاقية لا تستوجب فرض رسوم على سفن تجارية تمر في المياه الإقليمية، إلا حال رسو السفن وتقديم خدمات لها من أي نوع. وقطع التقرير الطريق أمام مطالبات البعض بإجراء استفتاء على توقيع الاتفاقية، موضحا أنه “لا يمكن الحديث عن استفتاء شعبي إلا حال التنازل عن جزء من الأراضي المصرية، وفقا لأحكام المادة 157 من الدستور”. وحذرت الحكومة من رفض البرلمان للاتفاقية، وليس من المستبعد أن تقدم الرياض شكوى دولية لتعيين وترسيم الحدود البحرية، وأن القاهرة من المؤكد سوف تخسر القضية. وأكدت الحكومة عبر التقرير سيرها في طريق تسليم الجزيرتين للسعودية، ولديها من الثقة ما يجعلها تقدم هذه الوثائق في وقت تتزايد فيه المعارضة الداخلية لمناقشة البرلمان لها خلال الوقت الحالي. ويبدو أن هناك توافقا مصريا سعوديا بشأن مستقبل الجزيرتين وطريقة إدارتهما، وهو ما يصب في مصلحة الطرفين، وبالتالي فإن الإسراع في إنهاء هذا الملف قد يكون مطلوبا ضمن التنسيق المشترك لمواجهة ملفات إقليمية عديدة، على رأسها مواجهة الإرهاب والموقف من إيران. وقال محمد نور فرحات الخبير الدستوري والمعارض للاتفاقية إن خطوات الحكومة سوف تؤدي إلى “تداعيات سياسية شديدة الخطورة، وربما تقود إلى غضب شعبي ضدها”. وتوقع في تصريحات لـ”العرب” أن تشهد الفترة المقبلة تصعيدا قانونيا وسياسيا ضد سياساتها، مشددا على أن هناك تحالفا معارضا يستعد لاتخاذ إجراءات قانونية ضد البرلمان والحكومة ويطالب بإسقاطهما لمخالفتهما الدستور، بعد أن ناقشا اتفاقية غير موجودة بالأساس وفقا لأحكام صدرت من القضاء المصري. وأشار إلى أن الحكومة عملت من وراء هذه الخطوات على إخضاع مجلس النواب لتوجهاتها، وتسعى إلى تمرير الاتفاقية من خلاله. ومنذ أن أعلن البرلمان مناقشته لاتفاقية تيران وصناقير بدأت المعارضة المصرية في تجهيز أوراقها لمواجهة هذا الإجراء، وصدر بيان مؤخرا حمل توقيع 6 أحزاب معارضة (المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وحزب الدستور وحزب تيار الكرامة، وحزب مصر القوية، وحزب العيش والحرية “تحت التأسيس”)، ودشنوا السبت اعتصاما تبادليا داخل مقار هذه الأحزاب. ودعا خمسة من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين (من أصل 12 عضوا) للاعتصام داخل النقابة بدءا من الثلاثاء، وجمع توقيعات رافضة للاتفاقية مهددين بالخروج في تظاهرات حال عدم التراجع عنها. وشهدت أولى جلسات مناقشة الاتفاقية داخل اللجنة التشريعية للبرلمان المصري الأحد، حالة من الفوضى لرفض عدد من النواب المعارضين لها مجرد مناقشتها، ودفع نوابا آخرين إلى تقديم استقالاتهم احتجاجا على مناقشة الاتفاقية. ومرت اتفاقية تعيين الحدود بتعقيدات سياسية وقانونية كبيرة، إذ أن هناك حكمين قضائيين متناقضين بشأنها؛ الأول أصدرته محكمة القضاء الإداري (المختصة بالنظر في القضايا الإدارية) في شهر ديسمبر الماضي وقضى بوقف تنفيذها وبطلانها، والآخر صدر في إبريل الماضي من محكمة الأمور المستعجلة (المختصة بمناقشة المسائل العاجلة)، وقضى بتأييد توقيعها وإسقاط حكم بطلانها.

مشاركة :