تعصف الأزمات السياسية والاقتصادية بدول عربية عدة، وهو ما يجعل قضايا بيئية مثل أزمة نقص المياه التي رغم خطورتها لا تجد الاهتمام المطلوب من صناع القرار، لكن تكنولوجيا الأقمار الصناعية تحمل بصيصاً من الأمل لحل هذه الكارثة. في نوفمبر من العام الماضي، أعلنت وكالة أبحاث الفضاء الأمريكية (ناسا) رسمياً بدء المرحلة الثانية من مشروع اكتشاف المياه في صحراء الكويت باستخدام تكنولوجيا التصوير الراداري عن طريق الأقمار الصناعية. وهي تكنولوجيا مهمة ترى فيها ناسا أملاً كبيراً في حل أزمة المياه في الشرق الأوسط الذي تعدّ دوله الأكثر تهديداً بنضوب المياه العذبة. صورة من الفضاء للكويت من ناساالحل من فوق قد لا تشغل أزمة المياه كثيراً من المواطنين والسياسيين في البلاد العربية، فلهم اهتمامات أخرى، لكن الأمر مختلف لدى العلماء، الذين يأملون في إيجاد حل لتلك الأزمة ويضعون آمالهم على الصور التي تأتي من الأقمار الصناعية للبحث عن موارد جديدة. في تقرير نشرته أخيراً النيوزويك يقول فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن وعضو المجلس الاستشاري العلمي للرئيس المصري والذي عمل لسنوات بوكالة ناسا: "نحن بالفعل –في الشرق الأوسط- غير قادرين على إنتاج الكثير من المواد الغذائية التي نحتاجها. إنها أزمة. ولكن إذا كان بإمكان صور الأقمار الصناعية أن تحدد لنا أماكن جديدة للمياه، واكتشاف أماكن ذات تربة مناسبة للزراعة، فسنكون أغبياء جداً إذا لم نستغل ذلك". صور الأقمار الصناعية في مجال المياه والزراعة استفادت منها دول عربية عدة، فمثلاً لم تكن لدى السلطات في الأردن فكرة سليمة عما يقوم مزارعوها بزراعته حتى مكنتهم تلك الصور من امتلاك خرائط جوية مفصلة لتلك المحاصيل. هذه الصور جعلت المسؤولين يحددون ما الذي يجب أن يهتموا بتشجيع زراعته أكثر. تم استخدام التكنولوجيا نفسها في بلاد أخرى، منها لبنان. ما يجعل العلماء متحمسين لهذه التكنولوجيا هو أنها توفر لهم تنظيم أفضل لاستخدام المياه، وبالتالي ينمو المزيد من المحاصيل بموارد أقل، ويتم ذلك عن طريق قياس درجة حرارة الحقل، ومعرفة مقدار المياه المطلوب لري كل محصول حتى لا يجري ري النباتات بأكثر مما تحتاجه من مياه.أقوال جاهزة شاركغردهل تستطيع ناسا أن تحل مشكلة شح المياه الخطيرة التي تهدد الشرق الأوسط؟الروتين والأمن إذاً لماذا لا تتحمس الدول العربية لتلك التكنولوجيا إذا كانت قادرة على حل أزمات المياه والجفاف؟ للأسف هناك مشاكل عدة تواجه هذه التكنولوجيا في الشرق الأوسط، منها أن العديد من الحكومات العربية لا تعترف حتى الآن بأهمية التكنولوجيا. كما أن البحوث الجادة والبيانات المفيدة لا تصل دائماً إلى أيدي صناع القرار، بل يتجمع عليها الغبار وتظل في أرفف وأدراج موظفين يحركهم الروتين. وبسبب الأزمات الاقتصادية التي تمر بها دول عربية عدة تم إلغاء الدعم الموجه للمراكز البحثية التي كان يفترض بها لعب دور أكبر في نشر تكنولوجيا الاستفادة من صور الأقمار الصناعية وتحليل بياناتها لإيصالها لصناع القرار. الأزمة الأكبر هي النظرة الأمنية المتشككة دائماً لهذا النوع من الأبحاث، فأغلب الدول العربية تعتبر أن صور الأقمار الصناعية نوع من أنواع التجسس. على سبيل المثال، رفضت مصر في العام 2015، دخول محللين بيانات أمريكيين من وزارة الزراعة كانوا قادمين للقاهرة لتحليل بيانات الأقمار الصناعية على الأرض. ولم تعطِ القاهرة وقتذاك أسباباً منطقية لمنعهم. تحتاج الدول العربية لمزيد من الإيمان بأن الصور القادمة عبر الأقمار الصناعية يمكن أن تنقذ شعوبها من كارثة مقبلة لا محالة.اقرأ أيضاًالمغرب يحاول جاهداً الحفاظ على ثروته من أشجار الأرزالشرق الأوسط يتحوّل إلى جحيم والحرّ يقتل أكثر من الحروبشحّ المياه، كارثة العالم العربي المقبلة مصطفى فتحي صحافي مصري حاصل على الماجستير في الصحافة الإلكترونية من كلية الاعلام في جامعة القاهرة، و"المركز الدولي للصحافيين" في واشنطن. يعمل حاليًا مدير تحرير لموقع "كايرو 360"، ويكتب لصحيفة "السفير" و"شبكة الصحافيين الدوليين" كلمات مفتاحية البيئة التعليقات
مشاركة :