ساتياجيت داس * وصف منتقدو العولمة أعداءهم بأنهم أولئك المواطنون الذين «لا ينتمون إلى وطن». ويؤيد قادة الحركات الشعبوية سياسات مكافحة هذه النزعة الكونية وقرارات تقييد الهجرة، وإعادة النظر في الصفقات التجارية الإقليمية، والضغط على الشركات لخلق فرص العمل في أوطانها.ومع أن هذا المنطق يحتوي على بعض الحقائق، فإن تشخيص الشعبوية لحالة العلاقات بين دول العالم تشخيص ناقص وهذا يعني بالضرورة أن وصفتهم الخاصة بعلاجها لن تشفي.المشكلة ليست العولمة في حد ذاتها، ولكن صعود ما أسماه هنري جيمس «الحضارة الفندقية». فالشركات المتعددة الجنسيات اليوم تفتقر إلى تفاعل عميق مع البلدان التي تعمل فيها. فهي حالة استضافة عابرة مثل نزلاء الفندق.وهكذا فإن هذه الشركات تسعى لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل وتتجاهل التكاليف الطويلة الأجل. فالعديد منها يستغل الموارد الطبيعية والعمالة، مستفيداً من الأجور المتدنية، والنظم الضريبية أو القواعد التنظيمية المواتية، وضعف قوانين الحماية البيئية وحماية العمال. وهي تتحرى زيادة الأرباح عن طريق تقليص الضرائب أو المدفوعات الأخرى المستحقة للبلدان المضيفة. وعدد قليل من تلك الشركات يأبه للأضرار الجانبية لعملياتهم أو يهتم بمصلحة البلد المضيف على المدى البعيد.وقد وجدت كل من شركة جوجل وأمازون وأبل ومايكروسوفت نفسها فجأة قيد التحقيق أو المواجهة في المحاكم بتهم التهرب الضريبي في البلدان التي تنشط فيها. وتحتجز عدة شركات أمريكية تريليونات من الدولارات في الخارج لتجنب دفع الضرائب على الأرباح المعاد توطينها. وقد أفسدت الشركات الناشطة في استخراج وتصدير الموارد على مستوى العالم بيئات العديد من الدول الناشئة واستنفدت مواردها.وقد نشأت طبقة خاصة جديدة من رجال الأعمال والمديرين التنفيذيين، فضلا عن فرق دعمهم من الممولين والاستشاريين والمحامين وغيرهم، الذين يتنقلون بين المواقع وأصحاب العمل دون الحد الأدنى من الولاء للشركات أو الثقافات المحلية. فكثيراً ما يتم ترحيلهم بشكل شائن من المجمعات التي يسكنون فيها بشكل مؤقت حسب مقتضيات مصلحة العمل، في المناطق الاقتصادية الحرة أو مراكز سكنية مسيجة. ولذلك لا يتعرضون لتحمل المسؤولية نظراً لكونهم في حماية الهياكل القانونية المعقدة، التي تختبئ وراء حجاب المعاهدات ذات المسؤولية المحدودة أو الاتفاقيات القانونية.* بلومبيرج
مشاركة :