جنيف - قنا: أكدت دولة قطر أنه لا يمكن للانتهاكات الجسيمة والممنهجة التي يرتكبها النظام السوري في مجال حقوق الإنسان وإصراره على الاستمرار بارتكاب المزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أن تستمر بدون أن يتحرك الضمير الإنساني والمجتمع الدولي لردع هذا النظام من الاستمرار بمجازره الوحشية ولضمان عدم إفلات المسؤولين عن الانتهاكات من المساءلة والعقاب ولتحقيق العدالة التي يصبو إليها ويستحقها الشعب السوري الشقيق بعد كل التضحيات الثمينة التي قدمها. جاء ذلك في كلمة دولة قطر في الحدث الجانبي للدورة الخامسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التي ألقاها أمس سعادة السفير علي خلفان المنصوري المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف. وقال سعادة السفير إن النزاع السوري يدخل عامه السابع حيث غرقت البلاد في أزمة غير مسبوقة وتحولت إلى أبشع كارثة إنسانية في العصر الحديث نظرا للدمار الهائل والانتهاكات الجسيمة التي رافقتها وفي ظل غياب أي أفق لإيجاد حل قريب لها.. موضحا أنه مع استمرار القتال في جميع أنحاء سوريا يرتفع بشكل كبير عدد المستشفيات والمرافق الصحية التي تتعرض للتدمير أو الضرر بفعل الهجمات مما يحرم آلاف الأشخاص من الرعاية الصحية الأساسية التي تشتد حاجتهم إليها ويفاقم الكارثة الطبية والإنسانية التي يعيشونها بسبب نقص الأطباء والمعدات والأدوية وعودة ظهور أمراض سبق أن تم القضاء عليها في البلاد. ولفت إلى أن استهداف المنشآت والفرق الطبية لا تعد سياسة جديدة لنظام الأسد فمنذ اندلاع الثورة السورية في مارس من عام 2011 فقد تركزت غارات النظام على الخدمات الطبية في المناطق الخارجة عن سيطرته حيث يشير نمط الهجمات إلى تعمد استهداف مرافق الرعاية الصحية في الصراع الدائر في سوريا وهو ما يُعَد انتهاكاً واضحا وصارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان. وأضاف سعادته أنه من الواضح أن النظام السوري سعى إلى تفريغ المدن والقرى من سكانها من خلال استهداف المستشفيات فيها وغير ذلك من مرافق البنية التحتية من أجل تسهيل اجتياحهما برياً أو تهجير سكانها بصورة قسرية تحت غطاء ما يسمى « باتفاقات المصالحة» التي تُخير الناس بين الموت أو التهجير.. مشددا على أن الاستراتيجية العسكرية التي تستخدمها قوات النظام السوري بتعمد استهداف المستشفيات والمنشآت الصحية ومنع الحصول على العناية الطبية أو الحد منها وصلت إلى مستوى غير مسبوق فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية مؤخرا أن أكثر من نصف المستشفيات العامة والمراكز الصحية الأولية في سوريا قد أُغلِقت أو لا تعمل إلا بصورة جزئية مثلما فرَّ من البلاد ما يقرُب من ثلثي العاملين في مجال الرعاية الصحية. ونبه المندوب الدائم لدولة قطر في جنيف إلى أن ارتفاع عدد المرافق الصحية التي تتعرَّض للتدمير أو الضرر بفعل الهجمات يحرم الملايين من الحصول على الرعاية الصحية الأساسية ويعرِّض حياة المزيد من الأشخاص للخطر ويحرم الفئات الأكثر ضعفاً مثل الأطفال والحوامل من حقها في الحصول على الخدمات الصحية في الوقت الذي تشتد فيه حاجتها إلى مثل هذه الخدمات.. مشيرا إلى أنه على الرغم من الإدانة الواضحة التي صدرت من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية إلا أنه ليس هناك أي تحرك إيجابي ولم يتم اتخاذ أية إجراءات فاعلة تضمن وقف استهداف المستشفيات والمرافق والكوادر الطبية وتوفير الحماية لهم. وأوضح أن القصف الجوي للمستشفيات بالقنابل والصواريخ أصبح أمرا اعتياديا في سوريا ولم يحصل أي تحقيق أو مساءلة عن هذه الأعمال التي تصنف كجرائم حرب.. مبينا أن الأمر الآخر الذي يثير الاستنكار هو أن إجرام النظام لم يقف عند استهداف المستشفيات بل أمتد إلى رفع ومنع وصول المواد والمعدات الطبية والأدوية الموجودة ضمن قوافل المساعدات الإنسانية التي تقوم الأمم المتحدة بإيصالها إلى المحتاجين إليها وخاصة في المناطق المحاصرة والمناطق التي يصعب الوصول إليها. وأبرز المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف النداءات العديدة التي وجهها المجتمع الدولي إلى جميع الأطراف في النزاع السوري بضرورة احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وضمان احترام سلامة المرافق الصحية والإمدادات الطبية وسلامة العاملين الصحيين إضافة إلى القرارات العديدة التي أصدرها مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن وآخرها القرار 2286 في عام 2016.. مبينا أنه يتضح من ذلك أن المجتمع الدولي قد توافق على وجوب وضع حد لجريمة استهداف مرافق الرعاية الصحية والعاملين الطبيين وتم اتخاذ القرارات اللازمة وما ينقص بكل بساطة هو فرض تطبيقها. وفي ختام كلمته أعرب سعادة السفير علي خلفان المنصوري المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف عن أمله في أن يسهم هذا النقاش في تعزيز الجهود الرامية لضمان احترام سلامة المنشآت الصحية والإمدادات الطبية والسماح للعاملين الطبيين بالقيام بأعمالهم المنقذة للحياة دون الشعور بخوف أو التعرض للقتل أو الإصابة أثناء تأدية واجبهم والسماح بوصول جميع المساعدات الإنسانية ومن ضمنها المواد الطبية والأدوية بصورة كاملة ودون أية قيود وبصورة فورية إلى جميع السكان المتضررين من النزاع في سوريا في المناطق المحاصرة والمناطق التي يصعب الوصول إليها.
مشاركة :