مصر: اتساع الفجوة بين الأثرياء والفقراء

  • 6/18/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ترك إمام خليفة شقته المطلة على النيل في قلب القاهرة، لينتقل إلى أحد المنازل الفاخرة في مجمع مغلق بالضواحي، وهي ظاهرة تكشف الفوارق الاجتماعية المتنامية في مصر. أصبحت هذه الأحياء المغلقة التي يطلق عليها اسم «كومباوند» والمستوحاة من المنازل الخاصة المنتشرة في الولايات المتحدة، مهرباً بالنسبة للصفوة المصرية من العاصمة الكبيرة الفوضوية المزدحمة والملوثة التي يقطنها 20 مليون نسمة.ويعتقد الاقتصاديون أن هذه الظاهرة، التي بدأت في نهاية تسعينيات القرن الماضي، تعكس الفجوة المتزايدة بين الطبقات الاجتماعية. زوجة خليفة التي تقيم مع زوجها في مجمع بشرق القاهرة «هنا طبيعة جميلة ومطلات حلوة في حين أن هناك (في وسط القاهرة) القمامة في كل مكان». ومثل هذه السيدة الشابة، التي تجاوزت بالكاد الثلاثين من عمرها، يهرب القاهريون الأغنياء من الضوضاء ومشاكل السير في شوارع المدينة، ليقطنوا في الهدوء وسط مساحات خضراء في هذه الأحياء المغلقة، التي تتزايد أعدادها على أبواب الصحراء، وحيث يوجد غالباً حمامات سباحة، وقاعات لممارسة الرياضة. وتضيف السيدة خليفة «نحن هنا ندفع أكثر لمصروفات الصيانة، ولكننا نحصل على أمن أفضل». أقلية ولكنها تنتمي إلى أقلية محظوظة، في بلد زاد عدد من يعيشون فيه تحت خط الفقر من 16 % عام 2000 إلى 27.8 % عام 2015 من عدد سكانه، البالغ 90 مليوناً، وفق الإحصاءات الرسمية. وفي غرب القاهرة، في ضاحية 6 أكتوبر، ينتظر محمد والعديد من العمال الذين يعملون باليوم، على جانب الطريق، بانتظار الحصول على أي عمل صغير، يوفر لهم قوت يومهم. ويقيم محمد مع زملائه في شقة واحدة، ويفترشون جميعاً الأرض ليلاً. ويقول محمد، الذي جاء من محافظة سوهاج (جنوب) بحثاً عن عمل، ساخراً «نأكل الفول صباحاً وظهراً ومساء». يقيم هذا الشاب ذو الثمانية عشر عاماً في القاهرة منذ عامين، بعد أن اضطر لترك المدرسة من أجل أن يعمل. توزيع الدخل أجرى روي فان دور ويد الاقتصادي في البنك الدولي دراسة حول توزيع الدخل في مصر، بالاعتماد على أسعار المساكن كمقياس، ولاحظ أن «الفوارق أكبر مما قد تشير إليه تقديرات الاستطلاعات التقليدية». ولإنعاش اقتصاد يتراجع منذ ثورة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك، حصلت مصر على قرض قيمته 12 ملياراً على 3 سنوات من صندوق النقد الدولي، مقابل برنامج تقشف وإصلاحات صارمة. وفي إطار برنامج الإصلاحات، قامت السلطات بتحرير سعر صرف الجنيه المصري، لتنخفض قيمته بمقدار النصف أمام الدولار، وخفضت دعم المحروقات، وفرضت ضريبة للقيمة المضافة. وأدت هذه الإجراءات إلى ارتفاع كبير للتضخم الذي بلغ في نهاية مايو 30.9 %. تململ اجتماعي محتمل ولتجنب التململ الاجتماعي، أعلنت الحكومة برنامج مساعدات بقيمة 2.5 مليار دولار، يتضمن خصومات ضريبية للأكثر فقراً، وزيادة لرواتب الموظفين، وإعانات بطالة. وأبقت الحكومة كذلك على دعم السلع الغذائية الذي يتيح للأكثر فقراً الحصول على بعض السلع الأساسية، مثل الخبز والأرز والزيت، بأسعار مخفضة. غير أن هذه الإجراءات «ليست سوى مسكنات»، بحسب هبة الليثي أستاذة الإحصاء في جامعة القاهرة. وتقول الليثي «الناس يخفضون استهلاكهم من السلع الغذائية، ويخرجون أبناءهم من المدارس من أجل إلحاقهم بالعمل»، مشيرة إلى أن نسبة الفقر الحقيقية الآن تصل إلى 35 %. وتعتقد أن الحكومة يمكنها أن توفر خدمات صحية وتعليمية أفضل، يتم تمويلها من خلال ضرائب تصاعدية، تفرض نسبة أكبر على الأكثر ثراء. ولكن السلطات لا ترغب في تطبيق مثل هذه الإصلاحات، وفق سلمى حسين الباحثة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة غير حكومية محلية. وترى حسين أن «هناك قدراً من التواطؤ. الطبقات الثرية تقول للحكومة: اتركونا نجني أرباحاً ولا تفرضوا مزيداً من الضرائب، ونحن من جانبنا لن نطالب بالديمقراطية وسنعيش داخل مجتمعاتنا الخاصة». ويعتقد فان دير ويد أن خفض الفوارق الاجتماعية سيكون تحدياً يصعب مواجهته «إذا ظلت الصفوة معزولة عن بقية المجتمع».;

مشاركة :