مجتمعات قطر الموازية في الدول العربية، هي الطابور الخامس الذي شكله حكام الدوحة، وصرفوا عليه بسخاء، ليكون الخنجر الذي يطعن أوطانه.العرب الحبيب الأسود [نُشر في 2017/06/19، العدد: 10668، ص(9)] أخطر ما في المشروع القطري ليس فقط دعم الإرهاب كما يعتقد البعض، وإنما تأسيس مجتمعات موازية داخل البلدان العربية تدين لها بالولاء وتنفذ أجنداتها وتخرج إلى الشوارع للدفاع عنها، وقد تجند أبناءها لخوض الحروب في سبيل الدفاع عن نظم الدول المارقة. وتتكون هذه المجتمعات الموازية هرميا من نخبة سياسية تتكون من الإخوان المسلمين وبعض القوميين الضالين ومن الاشتراكيين الثوريين ونسبة من الليبراليين المحوّلين جينيا، ثم من نخبة الباحثين المرتبطين بمراكز الدراسات والبحوث القطرية أو التي تدعي الاستقلالية وهي ممولة من قبل الحكومة القطرية، فصف رجال الدين من الدعاة المتصلين إما بجماعة الإخوان وإما ببعض التيارات الأخرى المتشددة الجامعة بين سلفيّتيْ العلم والجهاد وبين ورقتي الدين والسياسة، يليهم صف الإعلاميين والناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ممن يجدون الدعم من الدوحة أو من الإطراف المرتبطة بالأجندات القطرية. كما لدى قطر صف رجال الأعمال الموالين لها، وهم مكلفون بتنفيذ مشاريعها التي عادة ما تكون في قلب الأجندة السياسية، كبناء الوحدات السكنية والمدارس في إطار مشاريع يقال إنها خيرية وإنسانية وهي تستهدف الفقراء الذين تعتمد عليها قطر في تحقيق الاختراق المباشر للشعوب عبر الطبقات الفقيرة، ومن هناك يتم تجنيد الإرهابيين أو إعداد الأطفال في مخابر إخوانية ليكونوا إرهابيي الغد، أو على الأقل جنود المشروع القطري في كل مكان. هذه المجتمعات الموازية لا يكتمل تأسيسها دون اختراق للمؤسسات العسكرية والأمنية، وهو ما تقوم به مؤسسات متحركة، يمثلها رجال أعمال نافذون، يدفعون بسخاء من أجل الوصول إلى سجلات المعطيات الشخصية للأفراد المستهدفين لتسهيل السيطرة عليهم، إما ترغيبا بحل مشاكلهم الخاصة وتحسين ظروفهم، وإما ترهيبا بالتشهير بهم عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وتشكيل مثل هذه المجتمعات الموازية الخاضعة للأجندات القطرية خارج حدود الإمارة الصغيرة، لا يكون إلا في دول ضعيفة ومجتمعات ممزقة وشعوب تمر بأزمات، لذلك فإن قطر تعمل على توفير كل هذه الظروف، لتكريس جماعاتها المحلية في كل بلد تسعى إلى السيطرة عليه، من خلال استقطاب السياسي والأكاديمي ورجل الدين والإعلامي ورجل الأعمال والناشط الحقوقي والأمني والعسكري والطبقات الفقيرة، وجمعهم في بوتقة مشروعها التوسعي، لنكتشف فجأة أن الجسد العربي قد أصيب بانتشار الخلايا السرطانية التي ستفككه إلى جملة أعضاء مشلولة ومتناثرة، ثم ميتة لا حياة فيها. ومنذ أيام، لوحظ أن بعض الدول التي اتخذت قرارات مباشرة ضد قطر كمصر وموريتانيا وليبيا والأردن واليمن، شهدت بالفعل تحرك المجتمعات القطرية داخلها واقعيا وافتراضيا، وإن كان ذلك بنسب متفاوتة، بينما خشيت دول أخرى أن تُضرب من الداخل من قبل خلايا السرطان القطري، فاختارت التأني، رغم أنها تدعم سرا كل ما من شأنه أن يساهم في تحجيم دور الدوحة الذي بات يستهدف الجميع. مجتمعات قطر الموازية في الدول العربية، هي الطابور الخامس الذي شكّله حكام الدوحة، وصرفوا عليه بسخاء، ليكون الخنجر الذي يطعن أوطانه. كاتب تونسيالحبيب الأسود
مشاركة :