نحمد الله العلي القدير أنه بلّغنا شهر رمضان، ففيه يحظى المؤمنون في العشر الأوائل منه بالرحمة، وفي العشرة الثانية ينعمون بالمغفرة، لتأتي العشر الأواخر وهي تهل ببشائرها وفضائلها، وتدعونا إلى اغتنامها بالمزيد من العبادات، والتقرّب إلى الله بالطاعات وترك الملهيات، والله نسأل أن يعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وأبنائنا من النار. وفي العشر الأواخر، هناك ليلة جعلها الله تعالى خيرًا من ألف شهر، قال سبحانه (إنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر).. ويقول تعالى في سورة الدخان (إنَّا أنزلناه في ليلة مباركة إنَّا كنّا مُنذِرِين * فيها يُفْرَق كل أمر حكيم)، ففي ليلة القدر يُقدر الله سبحانه الأرزاق وأمور العباد فتأخذ الملائكة صحائف الأقدار عامًا كاملًا من هذه الليلة إلى ليلة القدر التي تليها بعد عام، فلا يبقى إنسان إلا وقد كتب الله أمره سنة كاملة. وفضائل ليلة القدر كثيرة وعظيمة، من وفقه الله سبحانه وتعالى لقيامها فهو الفائز السعيد، ومن حُرم خيرها فهو المحروم حقًا، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة حيث قال عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم “تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان”، وقد سألت ذات يوم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الرسول الكريم: أرأيت إن علمت أي ليلة هي ماذا أقول؟ قال الحبيب المصطفى: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني. إننا في حاجة ماسة لأن نستشعر هذه الليلة العظيمة في العشر الأواخر المباركة، لنستنير طريق السعادة والفرح، ونزكّي أنفسنا بالرضا والقناعة وسط زحام الحياة بمؤثراتها وضغوطها ومغرياتها التي تربك العقل وتشوّه النفس وتوتّر الأعصاب. فعلًا.. ما أحوجنا إلى فضل العشر الأواخر وسنامها ليلة القدر، ففي ذلك تطهير للنفس من الذنوب والخطايا كما ينقّى الثوب الأبيض من الدنس، وحسن استعداد ليوم عظيم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبلّغنا ليلة القدر، وأن يطعمنا فضائلها، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا. تويتر AliMelibari@
مشاركة :