في ظل ما يجتاح العالم من موجات الإرهاب، والتكفير، والتطرف التي بدأت تغزو المنطقة ؛ مستهدفة الشباب - بشكل رئيس - ؛ نتيجة ظروف - عالمية وإقليمية ومحلية -، فقد أظهرت دراسة أعدها - الباحث - ناصر القحطاني من جامعة نايف للعلوم الأمنية على عينة من «521» طالباً منتظماً خلال الفصل الثاني للعام الدراسي 1437, في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الملك سعود، وجامعة الملك خالد، وجامعة تبوك، أن مستوى الوعي بمسميات الجماعات التكفيرية 50 %، والوعي بأفكار جماعة داعش 65.4 %، والوعي بأفكار جماعة القاعدة 63.6 %، فيما كانت النسبة بخصوص جبهة النصرة 50 %، وطالبان 55.6 %، وجماعة الإخوان المسلمين 66.7 %، والخوارج 100 %، وجماعة بوكوحرام 100 % ؛ الأمر الذي سيجعل من بناء منظومة واسعة، وعميقة، ومقنعة، وذات جدوى من المصالح، سيؤتي أكله المثمر على المديين - المتوسط والطويل -؛ لتكون أجندة التطرف، والتكفير، والإرهاب غير حاضرة في ثنايا هذا المشهد. اتخذت الجماعات التكفيرية من الإسلام مظلة، وشعاراً لها ؛ بهدف نشر معتقداتها، وأفكارها الهدامة بين صفوف الشباب؛ ومن أجل الوصول إلى مرحلة من الرقي الفكري، والنضج المعرفي، والسمو الأخلاقي، يرسم خارطة طريق سليمة لمسار معالجة إشكالات قضايا الإرهاب، والتكفير، والتطرف، لابد من عمل جدي تبدأه الأمة على كل المستويات، تشمل كل الجوانب التي تتعلق بهذه الظاهرة - تربوياً وثقافياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً ودينياً -؛ لقطع دابر المفسدين، والجاهلين بأصول الدين. صفات الذين يسهل تجنيدهم حسب الدراسة متعددة ؛ ولعل من أهمها : صغر السن، وضعف الوازع الديني، ومتعاطي المخدرات، والمريض نفسياً، والمتشدد في الدين، وحديثو الالتزام بالدين، والانطوائي، وضعيف الانتماء الوطني، ومنخفض الذكاء، وضعيف الشخصية . وهؤلاء وإن كانوا يختلفون في تمثُّل الهوية الدينية، وتمسُّكهم بها بمقدار اختلاف فهمهم، وإدراكهم لهذه العلامات، أو بمقدار استصحاب هذه العلامات، بعضها، أو كلها في واقعهم، كما يقول - الأستاذ - محمد بن جماعة، إلا أن مفهوم الهوية الدينية، ومراحل تشكلها عبر التطور - العمُري والمعرفي - للفرد، أكّدت على أنّ النصوص الدينية كالقرآن، والسنة بالنسبة للمسلمين، توفر جملة من العلامات، والسمات الفارقة للهوية الدينية. لا زلت أتذكر مناشدة علماء فضلاء - خلال اختتام فعاليات المؤتمر العملي الدولي - «أزمة الفهم.. وعلاقتها بظاهرة التطرف والعنف»، بضرورة العمل على تطعيم المنهج التعليمي الأساسي، والثانوي بنصوص تبين سماحة دين الإسلام، وعالمية الدعوة التي عمت البشرة - كافة -، وبث ثقافة الوسطية، وتقبل الآخر لا نفيه، وسحقه، والتعامل معه بأسلوب الحوار، والجدال، والإقناع، بما يوفر بيئة مناسبة للفهم الصحيح المبني على التأويل السليم لنصوص الوحيين، إلى جانب دعوة العلماء للقيام بواجبهم، وبذل المزيد من الجهود ؛ لنشر عقيدة أهل السنّة، والجماعة، ونشر ثقافة الاعتدال، وقواعد الفهم الصحيح في التعامل مع النصوص . كما أن نشر الوعي بمخاطر سوء الفهم للنصوص، وإسقاطها على أرض الواقع، ومعالجة أزمة الفهم، يتطلب ضرورة المكاشفة الواعية للمنظومة المفاهيمية للمسائل التي تولد الغلو، مثل: الموقف من الآخر، ومفهوم الجهاد، ومفهوم الولاء، والبراء، ومفهوم تطبيق الشريعة، ودار الحرب، ودار الإسلام، ومفهوم العزلة الشعورية، وجاهلية المجتمع، بعيداً عن التشديد، والتكفير، والغلو، ومراعياً التيسير، والرحمة، وفقه المقاصد، والأولويات.
مشاركة :