هيلاري بين العقل والعاطفة - مها محمد الشريف

  • 6/12/2014
  • 00:00
  • 42
  • 0
  • 0
news-picture

بصفة عامة يتفق المنطق والموقف على معنى واحد مطلق، حول العاطفة والنساء، ويرتبط من حيث الفطرة دون جدل، فالإنسان يولد مجرداً، ينتظر عطاء من حوله، ليكوّن ثقة عاطفية تحدد مصير إدراكه الحسي، ووعيه ورغبته بالحاجة لمن يهبه الرعاية والسعادة، وعامل ذا أهمية قصوى بين كيانين لهما تأثير كبير من حيث التكوين على الشعور. فكثير من المستجدات في الحياة تستدعي أن يُعلن لها حالة طوارئ، وعلى وجه الخصوص الأجزاء العاطفية منها، لاسيما إذا اعترضها بعض الانفعالات والإحباطات المختلفة، ومن ثم الهيمنة التي أرغمت الأسباب على فرض العقلانية، إما نتيجة خلل في بناء مفهوم عاطفي، أو تجاهل تعالى على الجرح بكامله، ولنا أن نتصور العلاقة بين حقلين كبيرين وهما السياسة والعاطفة، ومساهمة كل منهما في خطوة غريبة وغير ملائمة لطرفين تشاركا حياة عامة وحياة خاصة، جزء منها للعقل والجزء الآخر للعاطفة. فالموضوع له وجه جوهري وآخر عام سجله التاريخ واعتبره بمثابة تقنيات لن تتبدل أو تتغير، ولن يزداد عمقها أو يتضاءل، والسؤال الذي يتكرر في هذه الحالات سيكون كالتالي، كيف يمكن بناء إستراتيجية للتعويض في حال الخسارة؟ بل كيف نحصل على إحساس لا يُقهر..؟ إننا أمام سيدة أقوى من العاطفة، لم تنهكها التقلبات العاطفية أو السياسية، ولن ننزع الألقاب من الذين سبقوها، ولن نقول المرأة الحديدية أو نشارك وزيرة خارجية بريطانيا الراحلة "مارغريت تاتشر " في اللقب الذي اتفق مع شخصيتها، بل نقول المرأة الجليدية التي تكسرت عندها أقوى السفن وأعظمها، وشكلت عالماً متصلاً أضعاف ما ليس لدينا، ثم حلت الوزيرة الأمريكية كلينتون في المرتبة الثانية، ضمن أقوى نساء العالم حسب تصنيف لائحة فوربس. ومن منطق القوة هنا يعود الفضل إلى إدارة المشاعر الناجحة، وإدارة المهام السياسية والوزارية بإتقان، وللشجاعة دور رائد هنا، وبعض الاعترافات التي سطرتها الوزيرة كلينتون، في مذكراتها أبدت فيها الندم على تأييدها لحرب العراق، واختلافها حول القضايا التي استنزفت موارد سورية البشرية والمادية. فعندما يتم الإعلان في وكالات الأنباء والفضائيات عن بعض الممارسات التي تلحق برجال السياسة، وأصحاب المناصب العليا، وتتفوق في سرعة انتشارها، ومشاركة كل الثقافات والطبقات إلى فلسفتها، وطرحها كموضوع عام للنقاش وليس خاصاً تتداوله المجتمعات كقضية رأي عام، لها أبعاد محبطة لأصحاب الشأن. وكيف يجدر بالفرد أن يتعلم من خلال تاريخ الأقوياء والشخصيات الفذة، فليس للحياة معنى إن لم يكن لها صلة بالأشياء والناس، فكل يلتقط معنى الوجود من استمرارية البشر، وتجاربهم ومواقفهم، فمهما كشفت وسائل الإعلام والشبكات الإخبارية تفاصيل عدد من الكواليس، جاز القول إن ذلك ينطوي على الشخصيات الجبارة. لقد احتفظت كلينتون بجميع القيم المتوارثة وسقط من سقط وظلت على هرم السياسة، قادرة على إدارة العالم بإستراتيجية أعدتها سلفاً. بينما نجد أن تعاطي الوجود الاجتماعي للقضايا المهمة، يكون محكوماً بذاتية الباحث والقارئ، وتجاوز الموضوعية وإصدار الأحكام الشخصية، وقلب مفهوم الخصوصية إلى شأن عام، يبحث في أسباب جذرية ليزجها كمثال في متناول الجميع، علماً أن الجودة تكمن في التحكم. ولاشك أن السلطة الموضوعية تتيح للإنسان فهم المشاعر العاطفية، وإخضاع النفس لمعايير توازن بين ردة الفعل، وبنيته وخصائصه، ليتسنى للتدرج الواقعي مكان أو حيز، فلا يختلف معنى الحياة المبني على السياسة لأن المحتوى بشكل عام يحتاج إلى تنظيم شامل، وخاصة حيال الشأن العاطفي، الذي أبدته تلك السيدة العبقرية، ولم تمنعها الأقاويل والشائعات والحقائق عن تحقيق أهدافها وممارسة حياتها السياسية بنجاح وتفوق.

مشاركة :