قال المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في موريتانيا، إن النظام الحاكم في البلاد «يحتقر» القضاة، وندد بما سماه «ممارسات النظام تجاه القضاء بشكل عام والقضاة بشكل خاص»، داعيا إلى تكريس مبدأ فصل السلطات في البلاد.وتأتي تصريحات المعارضة الموريتانية في خضم جدل واسع في البلاد، إثر إقدام الحكومة على إقالة وكيل للجمهورية في إحدى محاكم نواكشوط بعد أن أمر باعتقال أحد أفراد قوى الأمن عندما حاول توقيف سيارته بحجة أنها ارتكبت مخالفة مرورية.وأثارت هذه الحادثة كثيرا من الجدل، بين من يرون أن رجل الأمن تجاوز صلاحياته بمحاولة عرقلة حركة أحد القضاة، وآخرين يعتقدون أن رجل الأمن قام بعمله كما يجب، وأن القاضي هو من ارتكب مخالفة مرورية، ويجب أن يخضع للقانون كأي شخص آخر.لكن منتدى المعارضة، الذي يوصف دوما بأنه «راديكالي» في معارضته للنظام، قال في بيان صحافي أصدره أمس، إن إقالة وكيل الجمهورية من منصبه «تكشف حقيقة النظام التسلطية وبعده الأحادي، من خلال استهدافه للقضاة»، مشيرا إلى أن النظام «يصر على أن يجعل من القضاء جهة تابعة لأعوان القوى العمومية، بلا حرمة، وليست لها خصوصية تميزها عن غيرها».وشدد منتدى المعارضة على أن ما جرى يؤكد «إمعان النظام الحاكم في احتقار الجميع، سواء أكانوا سلطة تشريعية أو قضائية، فالكل في قاموسه يجب أن يؤمر فيطيع»، على حد تعبير المنتدى، الذي أوضح في بيانه أن «ممارسات النظام المتمثلة في احتقار رموز البلد ومؤسساته الدستورية، يفرض على الجميع مواجهته سلميا، والانخراط في حملة تكشف حقيقة هذا النظام الذي جاء على ظهر الدبابة ولا يؤمن بغير القوة».وواجهت انتقادات المعارضة الحادة تجاه النظام صمتا مطبقا من طرف الجهات الرسمية، التي لطالما أكدت في مناسبات كثيرة أن السلطات مفصولة بشكل تام في موريتانيا، وأن القضاة يحظون بمكانتهم الكبيرة في رأس هرم السلطة القضائية، نافية أن تكون هنالك أي أوامر توجه لهم من طرف السلطة التنفيذية.في غضون ذلك، أصدر نادي القضاة الموريتانيين بيانا صحافيا طلب فيه من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أن يتدخل من أجل «إنصاف القضاة»، وإعادة الاعتبار لهم، متهمين وزير العدل بأنه يعاملهم بشكل «غير لائق»، و«بعيدا عن الإنصاف ودون الاكتراث بوجهة نظرهم أو حتى بردة فعلهم»، مؤكدا أن مكانة القضاء في أي بلد هي المؤشر على مدى تمسكه بدولة القانون.وأضاف نادي القضاة، في بيانهم شديد اللهجة، أن وزير العدل اتخذ مجموعة من القرارات أهان فيها القضاة، كان آخرها إصدار مذكرة عمل تتضمن إعفاء وكيل الجمهورية بنواكشوط الغربية لعدم تجاوبه مع أوامر صادرة من بعض وكلاء أمن الطرق.كما استنكر نادي القضاة ما سماه «إيمان وزير العدل ببعض القانون وتجاهله لبعضه الآخر»، مؤكدا أن مبدأ فصل السلطات يتنافى مع إخضاع السلطة القضائية ورجال القضاء لأدوات السلطة التنفيذية وأعوانها.
مشاركة :