في أعقاب الحرب العالمية الثانية أخذت سياسات الدول منحى آخر يتمثل في تشكيل تحالفات ومحاور تحقق توازنات في مقاييس القوى، ولم يعد المحوران الأمريكي والسوفيتي وحدهما في الساحة، بل انبثقت محاور متعددة في كل بقعة من العالم انطلاقًا من المصالح والمخاطر المشتركة بين الدول، ونتجت ائتلافات ذات منطلقات مختلفة، منها ما هو ديني وقومي وعرقي وغيرها من القواسم الجامعة بين المجتمعات المتعددة. وفي الشرق الأوسط أسست السعودية محورًا إقليميًا هامًا يجمع ما بين البُعدين الإسلامي والعربي، والمملكة تمتلك كافة المقومات التي تجعل منها دولة مؤهلة للقيادة، لأنها ذات مساحة جغرافية شاسعة ونمو سكاني ضخم، إضافة إلى احتوائها على أطهر بقعة إسلامية والحرم النبوي الشريف، فضلا عن جانبها العربي الضارب في جذور التاريخ. ما يميز السياسة السعودية هي أنها سياسة غير عدائية، وتدفع دائما نحو اتفاقيات السلام في أي أزمة تشهدها المنطقة، وهو ما جعل محورها محورًا سلميًا بامتياز، ومكّنها من أن تكون المنطلق الأمثل لمواجهة التطرف ومحاربة الدول والمنظمات الراعية للإرهاب في العالم، ومن هذا المنطلق اختارت العديد من الحكومات العربية والإسلامية الانضمام للمحور السعودي، فيما ظلت الدول التي تدور حولها الشبهات في معزل عن ذلك المحور، فضلا عن الجهات التي ناصبت المملكة العداء عبر سياساتها الملتوية وخطابها الإعلامي النشاز في محاولة لتفتيت المحور الأكثر قوّة في الشرق الأوسط. أكثر ما يميز المحور السعودي هو سعيه الدائم لحفظ استقرار المنطقة، والتأكيد على أهمية التفاف المواطنين خلف حكوماتهم ما دامت عادلة، لذا اتجهت المملكة وحلفاؤها إلى مقاطعة أي دولة تروم زعزعة الأمن وقلب أنظمة الحكم وتقسيم المجتمعات، وجرمت المنظمات المتطرفة التي تغذي العنف والتطرف، وهو تحد صعب وحافل بالعقبات، لكنه مسار لابد منه لمواجهة الأطماع الاستعمارية التي تقودها قوى الشر من خلال أذرعها وعملائها الذين يرتدون إما ثوب التدين الزائف أو الوطنة العرجاء للنيل من أوطانهم وتحويلها إلى لقمة سائغة للأعداء. لا مناص لأي دولة تروم السلام والاستقرار في المنطقة من الانضمام للمحور السعودي، بعد أن أكدت الوقائع قوّة هذا المحور اقتصاديًا واستخباراتيًا وعسكريًا ودبلوماسيًا، وقدرته على مواجهة التحديات الآنية والمستقبلية، وصدق نواياه في مكافحة الإرهاب، ولن يظل خارج هذا المحور إلا من لديه مشاريع عدائية وأطماع غير مشروعة تسعى لخلخلة الأمن وبعث الفتن الدفينة من مراقدها.
مشاركة :