تويتر.. النافذة اللغز وحصان طروادة - فهد السلمان

  • 6/13/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يأتي إعلان وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن تأسيس موقع لها على تويتر، كما لو أنها تريد أن تبني ولأول مرة جسراً للتواصل بينها وبين عامة الناس، لتحطم الجدران، وتكسر الحواجز النفسية، ليدركوا كم هي وادعة وطيبة وحنونة، وأنها إنما تفتح هذه النافذة فقط لتقترب منهم (يا حرام)!. سقى الله أيام زمان، أيام أفلام الأبيض والأسود في السينما المصرية، عندما كانت صورة الجاسوس تتجسد في رجل يلبس نظارة سوداء، ويجلس في المقهى أو يتكئ على جدار، وبيده جريدة يثقبها من الوسط، ويتظاهر بالانغماس في قراءتها، ليراقب طريدته الذي يسب الحكومة. الوكالة التي لا تزال تواجه تهم التجسس على قادة غربيين بمن فيهم السيدة ميركل، والتي يُقال إنها "أي الوكالة" تموّل بعض أبحاث تطوير تقنية الاتصالات الحديثة، وتدعم بعض التطبيقات التي تتيح الاتصالات بشتى أنواعها، وبشكل مجاني لصالح أغراضها التجسسية، لم تكتف بأن تضع في جيب كل واحد في هذا الكون جاسوساً كفياً أنيقاً يُتيح لمن يستخدمه أن يفعل كل ما يريد بكبسة زر، وهو مضطجع على فراشه، فيما هي تقرأ وتسمع وترى كل ما تريد، دون الحاجة إلى جاسوس غبي يخرم الجريدة، ويدّعي أنه يقرأها ولو بالمقلوب قبل أن يضبطه الشرّير(توفيق الدقن)، تعلن اليوم وبكل براءة بما يوحي أنها تتنازل عن عقيدتها طوعا لتكون جزءا من نسيج التواصل، شأنها في ذلك شأن من دخل تويتر ليطلع الناس على شعره الغزلي الرقيق، أو ليروي لهم تجاربه مع الأغذية الفاسدة ليتجنبوها. هذه الشفافية التي تولد في عز عتمة تهم التجسس، وبشكل مباغت، لا أحد يعرف مغزاها، فالمغزى في بطن الغازي، لكن من المؤكد أنها تريد أن تتبرأ من تهمة ارتباطها بحبل السرة بتويتر وأشقائه، وأنها ليست هي من يُزرر أكمامه كما يتوهم البعض، أو يشدّ ربطة عنقه، ويُبيّض وجهه، وإنما هي مجرد نافذة من نوافذه حتى وإن استخدمت الزجاج العاكس بدلا من الشفاف. وبما أنه لم يعد للجدران آذان كما كان في السابق، بعدما زرع تويتر لسانا طويلا بين كل شفتين، حتى تلك الشفاه الخرساء، اضطر تويتر طبعا يقينا بطوله أن يقصه على مقاس 140 حرفا بما فيه الأنفاس والفواصل، لذلك سأكتفي بسؤال أولئك الذين يمقتون أي حديث من هذا النوع، ويحيلونه إلى عقدة المؤامرة: هل ينتظرون أن تفتح لهم الوكالة عبر موقعها ملفاتها السرية، ودور الدول الكبرى في كثير من الحروب القذرة؟، أو أن تكشف لهم الغطاء عن الكثير من الفضائح والأسرار المغلقة؟، أم أنها ستكتفي بنبش قبور حكايات الموتى من أعدائها لترميها كالطعم لهم، بما يمكنها من استنطاق المتفاعلين معها، وحثهم على الإفصاح عن كل ما يعرفونه، ولكن بعيداً عن غرف الاستجواب التي تتدلى من أسقفها المصابيح المتأرجحة؟. أنا لا أقول إننا أمام حصان طروادة "مودرن" لأنني لا أملك أي إجابة حول هذه النافذة اللغز حتى ولو على سبيل الاستنتاج.

مشاركة :