أرنولد توينبي

  • 6/24/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عثمان حسن ربما تكمن عظمة المؤرخ الإنجليزي «أرنولد توينبي» في أنه كان ذا نزعة إنسانية عالية، وربما تكون هذه الخصلة سبيلنا إلى تذكر مآسي العالم الغارق في الصراعات التي لا حصر لها، حين يذكر اسم توينبي (1889 - 1975)، فنحن أمام قامة تميزت بثقافة شاملة درست تاريخ الإنسان، وبحثت في الطبيعة وعلم النبات، وعلم طبقات الأرض، غير أنه في كل هذا كان معنياً بشكل خاص بحقائق التاريخ، وهو الذي يتضح في كتابه الموسوعي «دراسة التاريخ» الذي وضع فيه نظريته الشهيرة «التحدي والاستجابة»، وهذا الكتاب هو الأهم في مجاله في القرن العشرين، وجاء في 12 جزءاً بما خلص إليه من نتائج، تدحض تمركز الحضارة الغربية وتميزها واحتكارها للتاريخ دون غيرها من الحضارات، وهو العتبة التي ناقش من خلالها توينبي خطأ نزعة التفوق الحضاري في المجتمع الغربي المعاصر، فأعاد الاعتبار لحضارات وشعوب أخرى لا تقل أهمية، وهو الذي عرضه للنقد الشديد من المؤرخين الغربيين على وجه الخصوص، باعتباره أنكر على هذه الحضارة ما مثلته من قيم وحريات وما أنتجته من تقدم.درس توينبي اللاتينية واليونانية في جامعة أكسفورد (1907-1911)، وأتقن الفرنسية والألمانية والإيطالية وألمّ بالتركية والعربية، كان أستاذاً للدراسات البيزنطية والإغريقية في جامعة لندن (1919-1924)، وعين بعدها مديراً للمعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن (1925-1946). يعتبر أرنولد توينبي نتاج تأثيرات عدة من الثقافات والفلسفات، الثقافة الكلاسيكية منحته موقفاً عقلانياً من الحضارة الغربية فلم يفرط في تقديرها، وفي ذات الإطار كان تأثره بالثقافة اليونانية، كما استوعب تراث عصر النهضة والتنوير والفكر التجريبي والعقلي.اعترف توينبي باستلهامه فكرة التحدي والاستجابة من الفكر الصيني القديم، وقد وجد في الأدب والأساطير المختلفة في مصر وبلاد الرافدين مرتكزات أساسية لتسويق فكره في التاريخ والحضارة والفلسفة والسياسة، كما أقر بفضل ابن خلدون عليه بوصفه صاغ فلسفة للتاريخ تعد بلا شك أعظم عمل من نوعه.

مشاركة :