في سيارتها، كانت تجوب روعة كيلاني أحياء وشوارع دمشق من أجل إطعام القطط المشردة، وتضميد جراح بعضها، أو توفير العلاج لبعضها الآخر. وبعد مغادرتها سورية منذ أكثر من عام إلى هولندا، ما زالت هذه السيدة تحاول إنقاذ الحيوانات من فظائع الحرب.فحب الحيوانات ليس جديداً عليها هي التي تتحدث عن هذه الكائنات بشغف واندفاع وحنيّة. وتخبرنا «ولدت وأنا أساعد الحيوانات. كانت والدتي تُعلمنا كيفية الاهتمام بها وتشدّد على أهميتها في حياتنا». وتضيف «عندما كنت في الثامنة من العمر، وبينما كنت ألعب مع أولاد الحارة، أخذوا قطة وحفروا التراب وطمروها حيّة. تأثرت وانزعجت كثيراً وانتظرت أن يرحلوا لأخلّصها وأهتم بها وأنقذ حياتها».ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف كيلاني، بطريقة أو بأخرى، عن مساعدة القطط بشكل عام وكل الحيوانات الأليفة التي تلقاها على طريقها.وتتابع حديثها قائلة: «إلا أن القطة لوسي شكّلت مفصلاً وتغييراً بحياتي وحياة الكثير من الناس والحيوانات». وتقول: «عام 2006، في طريق العودة إلى المنزل، سمعت مواء قطة خلف السور وهي تعجز عن الحراك. طلبت من العامل أن يجلبها لي. واكتشفت أن قدميها مقطوعتين والدم يسيل منهما. اصطحبتها إلى المنزل ورحت أداويها لأنني تعلمت علاج القطط على النت. عاشت عندي، تمشي على قدميها الخلفيتين حتى العام 2011. حينها، تعرفت على سيدة بريطانية مقيمة في سورية ساعدتني لأجِد من يتبنى لوسي في أوروبا حيث تكون حياتها أفضل».وهكذا تعلّمت كيلاني كل الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل ترحيل الحيوانات وعملية تبنيها في أوروبا. وتعرفت على إيرما الهولندية التي تبنت لوسي والتي ظلت على تواصل معها وتشاركت معها حب الحيوانات والرغبة في مساعدتها. وتخبرنا كيلاني أن إيرما «لم تكن تعرف شيئاً عن العالم العربي لا بل تتخيل أننا ما زلنا نعيش في عالمٍ رجعي ومتخلّف». إلا أن العلاقة توطدت وأقنعت كيلاني صديقتها بزيارة لبنان حيث تفاجأت الصديقة الهولندية بما وجدت واختلفت نظرتها للعالم العربي وقررت مساعدة كيلاني.وهكذا، العام 2012، ولِدت جمعية «كات كونيكت» المسجلة في هولندا لتبنّي الحيوانات من سورية.وتكشف كيلاني: «في البداية، أصرّت إيرما على المجيء إلى سورية حينما كان الوضع متوتراً إلا أنني نجحت في تأمين تأشيرة دخول لها. وهكذا استقلّت آخر طائرة أقلعت من مطار الشام بصحبة 8 قطط». وتواصلت المغامرة وإنما من بيروت هذه المرة. تُشير كيلاني «أقود سيارتي إلى بيروت حيث تأتي إيرما، كل شهريَن، لتأخذ القطط إلى أوروبا. لا أعرف عدد القطط التي ساعدناها بالتحديد إلا أنه يفوق الـ 150».إلا أن الوضع المتدهور في سورية دفع الكثير من العائلات إلى التخلي عن قططها وكلابها والهجرة. وتخبرنا كيلاني «بفضل صيتي الذي ذاع في البلاد عن مساعدتي الحيوانات وعلاقاتي مع العديد من الجمعيات في الخارج، صار الناس يتواصلون معي من أجل أن أُساعدهم لتسفير حيواناتهم».وتشدد كيلاني على أنها تولي أهمية خاصة للقطط أو الكلاب التي تعاني من أوضاع خاصة سواء كانت مشلولة أو مكفوفة لأنها الأكثر عرضة للإهمال وبحاجة ماسة للمساعدة غالباً ما لا تجدها في سورية.وحتى الآن نجحت «كات كونيكت» بتسفير نحو 40 قطة و6 كلاب للمّ شملها وأصحابها إلا أن عملها مقيّد بالإمكانات المادية المحدودة والصعوبات في نقلها.يبقى أصعب شيء نقل الحيوانات من سورية إلى لبنان لاسيما أن غالباً ما لا يصدّقون بأن كيلاني تنقلها، إمّا لجمعها بأصحابها أو لتبنيها أو لتلقي العلاج لا بل يظنّون أنها تتاجر بها، فيقومون بابتزازها. وتضيف «هذه المرحلة هي الأصعب. أبقى على أعصابي ومستنفرة طوال 24 ساعة إلى أن يعبروا الحدود والجمارك اللبنانية. حينها أتنفس الصعداء».إضافة إلى هذه المشاكل اللوجستية، تواجه كيلاني أيضاً الكثير من الانتقادات لاسيما أنها اختارت مساعدة الحيوانات في حين أن الكثير من السوريين يعانون الأمرّين. وهنا تردّ «أدرك تماماً أن الكثير من الناس ينتقدوننا لأننا ننقذ الحيوانات لأنه، وللأسف، لا توجد ثقافة في العالم العربي حول الاهتمام بالحيوان. بالنسبة لي، الفرق الوحيد هو أن الإنسان لديه صوت يحكي والحيوان لا. بدأت الأمور تتغير إلا أن كل هذه المضايقات لا تعنيني وأتجاهلها. يهمني مساعدة مخلوقات ضعيفة في حين أن آخرين يساعدون اللاجئين والمحتاجين. حتى أن كات كونيكت تساعد الكثير من العائلات إلا أننا لا نتكلم عن الموضوع».* متخصصة في الثقافة والمواضيع الاجتماعية
مشاركة :