صار «تويتر» من أشهر طرق إيصال المعلومات، ولكن من الخطورة أن تصل مُحمَّلة بالأخطاء. وقد غرَّد أحدهم في «تويتر»، واصفًا الضرائب -عموماً- بكلماتٍ موجزة قائلاً: إن الهدف من الضرائب إيجاد مساحة للصرف الحكومي لتحقيق أهداف عامَّة تراها الحكومات. وبهذه الكلمات سلَّط المُغرِّد الضوء على موضوعه من زاوية فهمه للضرائب. ومع أنَّه اختزل موضوعًا كبيرًا وبثَّه على موجةٍ قصيرةٍ، فإنَّ بعض الجوانب تحتاج لبث على الموجة الطويلة. لهذا أُعلِّق عليه بإيجاز، أرجو أن لا يكون مُخلاًّ.إن الجهات التي تفرض أو تُحصِّل الضرائب حول العالم -اليوم- تقبل سدادها بالعملة الوطنيَّة فقط؛ لأنَّه من المعلوم بالضرورة بأنَّ العملة تحتكرها الدولة المعنيَّة كممارسة من ممارسات السيادة. لهذا نجد السعودي يُسدِّد ضرائبه بالريال، بينما الأمريكي بالدولار. وما ينطبق على الأمريكي والسعودي ينسحب على سائر مواطني دول العالم. ولكن كل إجراء يتم، له صلة بأبجديات الاقتصاد الحديث، أو من طبيعته البنيوية. وأقصد بالاقتصاد الحديث المفاهيم الاقتصادية التي جعلت الحكومات هي مَن تُصدر العملة، وهي مَن ينبغي عليها ضخها في شرايين الاقتصاد المحلي أولاً، سواء عبر الإنفاق على تطوير البُنية التحتيَّة، أو دفع الرواتب والمشتروات من القطاع الخاص، ثم تأتي الخطوة التالية، وهي أن تُفكِّر الحكومات في استعادتها من القطاع الخاص، وأيدي الناس؛ وفق معايير وسياسات نقدية دقيقة وضرائبيَّة محددة؛ لأنها من الحساسية بمكان، فإن هي لم تخرجها لن تستطيع الحكومات ضخ المزيد في الدورة الاقتصاديَّة، أو الإنفاق على المشروعات، أو الأهداف التي تراها. فالسيولة إن لم تُضبط قد تُحدث تضخمًا سلبيًّا. ولعل هذا هو منطق الأشياء، ولهذا يكون الضخ الحكومي للسيولة مناسبًا ودوران الاقتصاد، بحيث لا يحدث تضخم. وبحيث يكون معقولاً، ممَّا يمنع حدوث أي أعراض لركود اقتصادي. وتلعب سياسات البنك المركزي الحكومي دورًا في التوازن، وفي وسائل استرداد العملة، أو ضبط إيقاعها لكي يتناغم والأهداف المعلنة.ولتوضيح هذه الجزئيَّة، أورد ما حدث في أمريكا عندما قررت الحكومة الفيدراليَّة الأمريكيَّة ضخ ما يُناهز 20% من الناتج المحلي الأمريكي من الدولارات الجديدة التي تمَّ ضخها في شرايين الاقتصاد الأمريكي، وفي المقابل وفي ذات السنة خططت لاستعادة 17% من الناتج المحلي لكي تصبح الزيادة في تكوين العملة في حدود 3%، والهدف أن يتم توجيه هذا الهامش للإنفاق العام الحكومي على الأهداف التي تراها الحكومة الفيدراليَّة. والشاهد هنا أن الضريبة ليست دخلاً للحكومة، وإنما آلية لتصويب خلل اقتصادي، بمحاولة منع ما يتوقعه المخططون الاقتصاديون. ولا شك أنَّ الأمر مُعقَّد، ولكننا في زمن السرعة نحتاج للتدرُّج في الوعي بجوانب الاقتصاد الحديث، مثلما نحتاج لنقل المعلومات بإيجاز يسعف المشغول، وفي نفس الوقت يُصحِّح البث السريع الذي يتم سلقه على طريقة الأطعمة السريعة. وكل عامٍ وأنتم بألف خير.
مشاركة :