إصرار الدولة على تطبيق قوانين العصر العثماني المتعلقة بمعاملة الأقليات الدينية في تأجيج الوضع خاصة التمسك بالخط الهمايوني الذي يحظر بناء الكنائس وترميمها إلا بإذن من وزارة الداخلية، وخلال العقود الأخيرة، ارتبطت معظم الصدامات الطائفية بهذه القضية. ويزيد استهداف الكنائس من حجم الاحتقان وتهديد الاستقرار المجتمعي. وتعقب تلك الهجمات عادة مسيرات جنائزية كبيرة تضم العشرات من التوابيت التي يتم حملها إلى نفس الكنيسة المنكوبة، وسط صراخ ونحيب الجموع الغفيرة، فيما تشير بعض التقارير إلى أن الهجمات الأخيرة رفعت من مستويات اليأس والرغبة في الهجرة داخل صفوف الشباب المسيحيين. وجود سياسة فعالة لمكافحة الإرهاب أمر بالغ الأهمية، لكنها وحدها لا تستطيع وقف عمليات داعش. وتضامنا مع الأقباط المصريين توجه البابا فرنسيس إلى مركز السنة للتعلم، بجامعة الأزهر، لإجراء حوار الأديان مع الشيخ أحمد الطيب. ودعا البابا إلى إجراء إصلاح في تربية شباب اليوم، والذي من دوره أن يُخرج أجيالا متفتحة ومستنيرة. وندد الرئيس السيسي بشدة بالتطرف الديني، وأعادت الحكومة المصرية بناء وترميم بعض الكنائس المنكوبة. وفي 28 ديسمبر من العام الماضي، دعا في خطابه مؤسسة الأزهر إلى “ثورة إصلاح دينية”، وقال “ليس معقولا أن يكون الفكر الذي نقدسه على مدار المئات من السنين، يدفع الأمة بكاملها إلى القلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها”. وطالب أكثر من مرة بأن يتصدى لتلك الأمور علماء ورجال دين مستنيرون، مؤكدا أن الأوان آن لتجديد الخطاب الديني، الذي ظل رهين تراث محدود بمعطيات الماضي وأبعاده. على الرغم من ذلك، يظهر هناك بطء ملحوظ في التحركات الرسمية، إلى جانب غياب خطة أو استراتيجية واضحة لتعديل قوانين التمييز في مصر، والتي تجعل من الكنائس القبطية بؤرا للتوتر، ولا تقف بجانب الأقباط في مواجهة العنف الطائفي. وعلى الرغم من أن حكومته تسيطر على التبرعات التي تموّل الأزهر، إلا أنه لم يأمر بإصلاح تعليمي شامل ولم يأمر أيضا بتعليم التاريخ والثقافة القبطية بشكل عام. وتخلص نينا شييا إلى أنه يبقى مصير الأقباط في مصر مقياسا حقيقيا لمدى نجاح حكومة السيسي في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ويتعين على العالم بأسره حينها أن يولي اهتمامه لتلك القضية.
مشاركة :