قال الشيخ عبدالله المناعي في خطبة الجمعة أما بعد: إن العلم أساس نهضة الأمم وتقدمها، ورفعة الشعوب وازدهارها، وما من أمة نالت حظًا من الرفعة والعلو، وبلغت منزلة من النهضة والسمو، إلا كان العلم أساسها، والمعرفة سبيلها، ولذلك اهتم الإسلام بالعلم اهتمامًا عظيمًا، فوجه الناس إلى القراءة؛ لأنها سبيل العلم. وعمل النبي صلى الله عليه واله وسلم على تعليم أمته القراءة والكتابة فكان أول من سعَى لمحو الأمّيّة حين جعَل فداءَ أسرى بدرٍ أن يعلِّم كلٌّ منهم عشرةً من المسلمين القراءةَ والكتابة. ورفع الإسلام شأن العالم والمتعلم، فقال تعالى: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ» (المجادلة: 11) وَلَمْ يَأْمُرِ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِالاستِزَادَةِ مِنْ شَيءٍ إِلاَّ مِنَ العِلْمِ فَقَالَ لَهُ: «وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا» (طه: 114). فبالعلم ترتفع الأقدار، وتنال المغانم الكبار، به يعبد المسلم ربَّه على بصيرة، به يعامِل الناسَ بالحسنى، وبه يسعَى في الأرض يبتغي عند الله الرزقَ الطيب الحلال. وما غاب العلم عن مجتمع إلا أظلم نهاره، وانطفأت أنواره، وَمَا فَشَا الجَهْلُ فِي أُمَّةٍ إِلاَّ قَوَّضَ أَركَانَهَا، وَصَدَّعَ بُنْيَانَهَا. العلم الذي دعا الإسلام إلى تحصيله، يشمل كل علم نافع يحقق التقدم والتطور والبناء، ويعود على البشرية بالخير والسعادة والنماء، وهو ما أشار إليه نبينا صلى الله عليه واله وسلم حيث قال: « من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة» أخرجه مسلم. وخص الفقه في الدين بمزيد من الشرف والتفضيل فقال: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)؛ لربانية مصدره الضامنة لعصمته، وعموم الإصلاح به وشموله، وتركيزه على النفس الإنسانية التي هي أساس صلاح البشرية وفسادها. عباد الله: يوم الأحد من الصباح الباكر يحتشد طوفان هائل من شبابنا وبناتنا وناشئتنا وأطفالنا فيجتمعون في دور التعليم في أنحاء البلاد في مختلف مراحل التعليم من رياض الأطفال إلى مدرجات التعليم الجامعي والعالي. وكلهم تحت رعاية الله سبحانه وتعالى، ثم رعاية القائمين على رسالة التعليم من مواطنين ومدراء ورؤساء وأساتذة.. ولكن ما الدور الذي سيؤديه هؤلاء وهؤلاء؟ أما الفريق الأول فهم طلابنا وطالباتنا، وأما الفريق الثاني فهم أصحاب الشأن القويم لهذه الرسالة. التعليم في الإسلام نموذج فريد، وتكامل بديع، يجمع بين التربية والتعليم، يسعى لإقامة مجتمع فاضل، يسعى لاستغلال العلم في البناء لا الهدم، للخير لا للشر، للفضيلة لا للرذيلة. مستقبل أبنائنا ومجتمعنا رهين بمدى نجاح تربيته وتعليمه في تعبيد الناس لرب العالمين، والولاءِ لهذا الدّين، وتنشئةِ المواطنِ الصالحِ المنتِج الواعي، السَّالم من شطَطِ التفكير ومَسالِك الانحرافِ. العلم سبيلكم إلى السعادة في الدنيا والآخرة، فاجعلوا نصب أعينكم دائما، قول نبينا صلى الله عليه واله وسلم حاديا وهاديا حيث يقول: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة».
مشاركة :