التقشف في الجزائر يزحف نحو خطوط الدعم الحمراء

  • 6/30/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

التقشف في الجزائر يزحف نحو خطوط الدعم الحمراءدخلت الحكومة الجزائرية مغامرة محفوفة بالمخاطر لإصلاح نظام الدعم الحكومي للسلع والخدمات، الذي يستنزف احتياطياتها النقدية في ظل أزمة تراجع عوائد صادرات الطاقة. ويرى الخبراء أن الخطوة قد تهدد السلم الاجتماعي رغم الإقرار بأنها ضرورة حتمية.العرب  [نُشر في 2017/06/30، العدد: 10677، ص(11)]سلة الغذاء سريعة الاشتعال الجزائر – دفعت الأزمة المالية المتفاقمة الحكومة الجزائرية إلى اقتحام منطقة خطرة، حين أعلنت أنها تعتزم إصلاح نظام الدعم الحكومي المترهل الذي تعتمده منذ استقلالها عام 1962 والذي يستفيد منه كل المواطنين سواء كانوا أغنياء أو فقراء. وأعلن رئيس الوزراء عبدالمجيد تبون في مخطط عمل الحكومة الذي قدمه أمام البرلمان الأسبوع الماضي، عن برنامج لإعادة النظر في سياسة دعم السلع والخدمات “من خلال إحصاء دقيق للاحتياجات الحقيقية وتوجيه الإعانات إلى مستحقيها” في محاولة لمواءمة الدعم مع مستويات دخل مختلف الفئات الاجتماعية. ويقول مصطفى مقيدش، نائب رئيس المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي، وهي هيئة حكومية، إن هناك ضرورة للتوجه حاليا نحو “الدعم الموجه لمستحقيه”، مذكرا أن الإعانات التي تقدمها الدولة كل سنة تمثل 15 بالمئة من الناتج الداخلي الإجمالي. ويعتمد نظام الدعم المعمول به حاليا على ركيزتين أساسيتين، الأولى التحويلات الاجتماعية، وهي مخصصات مالية في ميزانية الدولة لتمويل الصحة والتعليم المجانيين لكل الجزائريين مهما كان دخلهم، إضافة إلى توفير السكن بأسعار منخفضة.مصطفى مقيدش: هناك ضرورة ملحة لتوجيه مخصصات الدعم الحكومي إلى المستحقين فقط وتتعلق الركيزة الثانية بتعويض سياسة مراقبة الأسعار المعتمدة إلى سنوات 1990، بدعم المواد الغذائية الأساسية وهي الخبز والزيت والسكر والطحين والحليب، إضافة إلى دعم أسعار الكهرباء والغاز والنقل. ومن الواضح أن نظام الدعم بشكله الحالي أثر كثيرا على المالية العامة مع استمرار تراجع أسعار النفط للعام الثالث على التوالي لا سيما وأن الجزائر، عضو منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تعتمد على هذا المورد الذي يشكل أكثر من 90 بالمئة من عائداتها المالية. وبالإضافة إلى أن نظام الدعم سخي جدا، فهو في الوقت نفسه غير عادل بما أنه مفيد أكثر للذين يستهلكون أكثر، أي الأغنياء. ويرى الخبير الاقتصادي لدى صندوق النقد الدولي أندرو جويل أن 20 بالمئة من الجزائريين الأكثر ثراء يستهلكون 6 مرات أكثر من الوقود من نحو 20 بالمئة الأكثر فقرا. وقال جويل إن “الدعم الموجه للكهرباء مفيد أكثر بصفة غير متساوية لأصحاب البيوت الكبيرة والمجهزة بالتكييف”. وخصصت الدولة في موازنة هذا العام نحو 15.1 مليار دولار للدعم والتحويلات الاجتماعية، وهو ما يعادل 23.7 بالمئة من الميزانية. وكانت الحكومة قد اضطرت في بداية العام الماضي إلى رفع أسعار الوقود وبعض منتجات الطاقة للمرة الأولى منذ 2005. ويعتقد الخبير الاقتصادي عبدالرحمان مبتول مستشار رئيس الوزراء السابق عبدالمالك سلال أن توجيه الدعم لمستحقيه إجراء جيد، لأنه باسم العدالة الاجتماعية، لا يمكن أن يستفيد الأغنياء والفقراء من الإعانات بالمستوى نفسه. ويشير خبراء كذلك إلى أن للدعم تداعيات سلبية أخرى مثل التبذير والتهريب نحو الدول المجاورة. وترددت السلطات كثيرا قبل أن تقرر وضع حد لهذا النظام الذي سمح لها بشراء السلم الاجتماعي باستخدام الأموال الطائلة التي وفرها ارتفاع أسعار النفط قبل 2014.صندوق النقد الدولي: نظام الدعم الحكومي المعتمد في الجزائر موجه بطريقة غير عادلة ففي 2011 اندلعت تظاهرات كثيفة بسبب ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية، وتمكنت الحكومة من إسكاتها بإجراءات اجتماعية سخية بفضل أسعار نفط بلغت 120 دولارا للبرميل مقابل نحو 47 دولارا في المتوسط اليوم. وسبق للحكومة السابقة أن أشارت في نهاية 2015 إلى ضرورة توجيه الإعانات لمستحقيها، لكن مشروعها الذي لاقى معارضة شرسة بقي دون تطبيق. ويرى الخبير في القضايا الاجتماعية نورالدين بوضربة أن الفضل في بقاء جزء كبير من الجزائريين خارج دائرة الفقر يعود إلى السياسة الاجتماعية الحالية، لكنه في المقابل طالب بعقلنة مصاريف الدولة. وقلل المسؤول النقابي السابق من آثار هبوط أسعار النفط حيث أكد أن لا شيء يدل على أن الدولة في أزمة بما أنها “حافظت على مشاريع غير ذات أولوية بينما جمدت مشاريع خمسة مستشفيات”. وشكك الخبير عبداللطيف رباح الذي يرى هذا الإصلاح “ليبرالية صادمة”، في إمكانية استهداف الإعانات لعدم وجود معطيات إحصائية دقيقة حول المداخيل. ودعا إلى مراجعة النظام الضريبي “الكريم جدا مع الأثرياء”. وفشلت كل مشاريع فرض ضريبة على الأثرياء في الجزائر. وأثار رئيس الوزراء أخيرا احتمال التفكير فيها بالموازاة مع إعفاء الفقراء من دفع الضريبة على الدخل. ويبقى التساؤل الذي يطرحه الخبراء الاقتصاديون حول سقف تلك الضرائب وكيف يمكن للدولة أن تحدد تينك الفئتين. وفي حال تم تقليص الإعانات، يجب أن يترافق ذلك مع زيادة في الأجور، بحسب رباح الذي يضيف “إذا كنا نريد أن نذهب نحو الأسعار الحقيقية بلا دعم فيجب أن ندفع الأجور الحقيقية” التي تعد منخفضة جدا. وكان تبون طمأن خلال تقديم مشروع حكومته إلى أن “الجزائر كانت وستبقى جمهورية اجتماعية”.

مشاركة :