يجيء العيد كل عام محملا بالفرح والأماني في أن يكون القادم أجمل، وأن يكون انطلاقة لصفحة جديدة من الحب والأمل رغم ما يحيط بنا، فهل للمثقفين والأدباء رؤية مغايرة وكيف يقضون عيدهم.. هذا ما حاولنا معرفته من خلال هذا اللقاء مع مجموعة من أدباء المملكة والعالم العربي.. فماذا قالوا؟مشاعر الآخر تقول د. ملحة عبدالله عميدة المسرح السعودي وأمين عام جائزة باديب للثقافة والفنون: أستقبل العيد وأحمل مشاعر وإحساس السعادة والفرح مع شجن، فالاديب هو المنوط بإعادة صياغة العالم بعينه وباحساسه المرهف، وأعتقد أن الأديب والفنان يقدر مشاعر الآخر قبل مشاعره، فهو يهتم بالتفاصيل الصغيرة والدقيقة في عالم طغت عليه المادة وانكسار القيم. أحاول في العيد صناعة يوم جميل تيمنا بالسنة واتباعا لتعاليم ديننا الحنيف. وعن أجمل الأعياد التي قضتها قالت: كانت مع ابني فيصل رحمه الله، كنت أقضيها في بيت الله الحرام لانه كان يصطحبني، وبطبيعة الحال هناك يتخلى الواحد عن الدنيا وما فيها، أما العيد هذا العام فأقضيه بالقاهرة استعدادا للتنسيق لجائزة باديب، التي سوف تساهم في إثراء الحركة الأديبة.معانٍ جديدة ويرى الشاعر العراقي باسم فرات أنه يتعامل مع العيد بمشاعر تحمل ذكريات الطفولة والصبا مع دموع تغسل الاحزان الماضية، فيقول: لا أتوقف عن الكتابة وأرى العيد فرصة لاقتناص معان جديدة، زيارة مصر في العيد رحلة تهدف للبحث عن مناطق خصبة تولد بها مشاعر منفردة، وأنه فرصة كي أخص أسرتي الصغيرة بكثير من الفرح، ثم أتواصل مع كبار السن من المقربين، وسرعان ما أعود إلي قلمي وكتابي مستثمرا كثيرا مما اقتنصه في العيد لأحول بعضه لفكرة شعرية بعد أن أعيد تشكيلها وأضيف لها رؤيتي الخاصة.. العيد تحول على عدة أصعدة ولا بد أن يستثمر ثقافيا وفكريا وفنيا كما استثمر اجتماعيا.بهجة أخرى د. خالد عزب رئيس المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية، يقول: العيد في الريف المصري أجمل منه في المدينة، حيث تكثر الزيارات بين الأسر، فالعيد فرصة لعودة دفء الحياة الاجتماعية مرة أخرى. العيد ليس فرحة وحسب لكنه فرصة نعود فيها من صراعات الحياة إلى النفس البشرية السمحة، في العيد الملابس الجديدة تتحول إلى فرحة، فنحن نشتري الملابس طوال العام لكن لملابس العيد بهجة أخرى تنطبع في الذاكرة الإنسانية، وأما عند الكاتب فالعيد فرصة لالتقاط الانفاس وإعادة النظر في كل شيء فهو بمثابة استراحة محارب.هبة ربانية يقول الشاعر والكاتب سعد الغريبي: العيد يوم من أيام الله المباركة، وهبة ربانية يمنحها لعباده ليفرحوا بتمام نعمته عليهم، إذ مكنهم من صيام شهر رمضان الكريم وقيامه، وحصّلوا فيه من الأجر والثواب ما كتبه الله لهم؛، وقد رخّص ديننا فيه بالفرح وتبادل التهاني، بل شرع لنا ذلك.. يحل العيد علينا ضيفا عزيزا، وقد تعودنا -نحن العرب- أن نرحب بضيوفنا مهما كانت ظروفنا!.. ليس ذنب العيد أن يأتي وجسر العروبة متهالك متصدع، وأبناء المسلمين يذبّحون ويقتّلون؛ إن بأيديهم أو بأيدي أعدائهم.. كم اعتذرنا من العيد وأجَّلنا الاحتفال به، كأنه المسؤول عن كل مشكلاتنا. أقول هذا القول بعد أن قرأت للكثير من الأصدقاء الافتراضيين والحقيقيين واستمعت لهم وهم يتنادون بأن تُلغى مظاهر الاحتفال بالعيد، بل ونلغي تبادل التهاني فيما بيننا مراعاة لأهالينا المنكوبين في طول البلاد العربية والإسلامية وعرضها. علينا أن نحتفل بالعيد دون مبالغة ومن غير أن ننسى أن نتجه بأكفنا لخالقنا مبتهلين أن يصلح حال الأمة فتنهض سالمة غانمة بعد أن تتصافى القلوب.فرحة وبهجة ويؤكد الاديب صالح السويد أن العيد اختلف هذه الأيام عن العيد قديما، لاختلاف معطيات كل مرحلة، الآن كل واحد مشغول في حياته ولم يبق من القديم سوى لمة العيد والأهل والأصحاب والأولاد والعيد فرحة وبهجة لا تدانيها بهجة، فيه تجديد لإيقاع الحياة الرتيب وتواصل وصلة أرحام ومعاودة الأهل والمعارف والأصدقاء وهو ظاهرة اجتماعية دينية نقدرها.طقوس جديدة الكاتبة السعودية أميمة زاهد تقول: مقالاتي لا تتوقف في العيد، بل ترصد ما هو جديد من تطورات وتغيرات طرأت على مجتمعاتنا العربية، أصبح عيد الفطر له طقوس جديدة، مثلا في القاهرة يستقبل بارتفاع أصوات الصواريخ وازدحام المقاهي وأصوات الأغاني الحديثة التي تجعل المار يفقد السمع، ونبحث وسط كل هذا عن أغنية أم كلثوم (ياليلة العيد أنستينا) ولم نجدها، اما على المستوى الشخصي فطقوسي قبل العيد أجتمع مع الأهل والأبناء على مائدة الإفطار وفي فترة العيد أقضيها بين الزيارات العائلية للمعايدة ودعوة بعضنا على الافطار أو العشاء خارج المنزل، ولا أنسى تجهيز الحلويات والمعمول والهدايا للأولاد من أبناء العائلة وأبناء أحبابي.
مشاركة :