«بريا» ملتقى الكراهية التي تنخر أفريقيا الوسطى

  • 7/1/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سليمة لبال| تشهد مدينة بريا التي تقع شرق افريقيا الوسطى حربا عنيفة بين الميليشيات المسيحية والمسلمة منذ شهر، وقد أسقطت المعارك أكثر من مئة قتيل وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان. غرقت مدينة بريا الصغيرة في الحرب في 16 مايو الماضي، حيث اشتدت المعارك خلال الأيام الثلاثة الأولى بين هذه الميليشيات بهدف سعي كل طرف للسيطرة على المدينة المعروفة بمدينة الماس، والحصيلة تعرض مئات المساكن للحرق ما شرد السكان، فيما اصيب اكثر من 40 شخصا ومن دون شك أكثر من مئة قتيل. بينما لا توجد احصاءات مؤكدة او نهائية لما وقع، تشير تقديرات اولية مؤكدة ان 41 ألفا من السكان البالغ عددهم 47 ألف نسمة فروا من الحرب للاستقرار في احد مخيمات اللجوء، فيما لم تضع الحرب أوزارها بعد، ففي العشرين من يونيو اشتعلت الحرب مجددا في المدينة ما ادى الى مقتل 40 شخصا وإصابة آخرين بجروح. ويقول لوسيان سيمبا الممثل المحلي لمنظمة اوشا، وهي وكالة انسانية تابعة للأمم المتحدة «حتى نفهم من يقاتل من ولماذا فعلينا ان نبحث عن الاسباب السيكولوجية والدينية وليس السياسية، ما يجري هنا صعب، صعب للغاية». مدينة مهجورة بريا فارغة اليوم او تكاد تكون مهجورة ومقسمة الى احياء تسيطر عليها جماعات مسلحة متصارعة، المسلمون منهم ينتمون الى تحالف سيليكا الذي كان معارضا للرئيس فرانسوا بوزيزي، ووصل الى الحكم في بانغي في 2013، واما ضواحي المدينة فتسيطر عليها ميليشيات انتي بالاكا المسيحية. يعيش حوالي 30 ألف شخص من سكان المدينة مشردين في النقطة الكيلومترية رقم 3، وذلك في مخيم اقيم بالقرب من اسوار ثكنة القبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة. لقد فقد هؤلاء كل شيء منازلهم واعمالهم، ويقول احدهم ان المدينة دمرت عن آخرها بما في ذلك المطار الذي احرقته الميليشيات، ويضيف «لا أملك شيئا الآن، لقد سرقوا كل شيء حقائبي وملابسي، واما زوجتي فقد فضلت البقاء في الحقل على بعد ساعتين مشيا من مكان تواجده حتى تتمكن من إطعام اطفالهم الثمانية هناك يمكن أن تجد شيئا تاكله»، وأما هو فباق في المخيم على أمل الحصول على جزء من المساعدات التي توزعها الامم المتحدة، وعن ذلك يقول «يقولون انهم سيوزعون غدا بطانيات واواني وربما اطباقا». وجود المينوسكا محدود لا وجود كبيرا لبعثة الامم المتحدة «المينوسكا» في مدينة بريا، ما عدا بعض السيارات التي تجوب الشوارع وسط المدينة، واما باقي المناطق فتسيطر عليه مختلف الميليشيات، سواء تعلق الأمر بالسوق أو الجسور التي يقيم عليها رجال مسلحون حواجز دائمة. وأما في إحدى السكنات، فيقيم عبد اللاي حيسان الرئيس الرسمي والمحلي للجبهة الشعبية لنهضة افريقيا الوسطى، وهي فرع من تحالف السيليكا الذي يسعى لتوحيد المدينة، ساله محرر لوفيغارو عن الوضع، فاجاب «انا لا اقبل مقتل المدنيين، إنها عمليات اغتيال، نحن نحمي الجميع»، ورغم اعتراف حيسان بوجود مرتزقة تشاديين وسودانيين ضمن الميليشيات، فإنه يؤكد انهم تحت السيطرة، مشيرا الى ضعف أداء المينوسكا. لكن غير بعيد عن مكان إقامة حيسان وعلى بعد 400 متر فقط، يبرز انشقاق الجبهة الشعبية لنهضة افريقيا الوسطى، فهنا في حي البرنس، لا يعترف الجنرال عيسى أيساكا ونائبه أزور بحيسان لتحالفه مع الانتي بالاكا ضد العرب اللذين يتهمانهما بكل اوجاع المنطقة وآلامها. الوضع معقد جدا في المدينة التي تشهد حالة من الفوضى وانعدام الئقة حتى بين المليشيات التي تشهد هي الأخرى انشقاقات، عمقت الأزمة. ويقول الإمام غازولي «نحن نعيش هنا منذ سنوات ونمارس التجارة ونتفق بشكل جيد مع المسيحيين، لكن ميليشيات الانتي بالاكا قدمت لقتلنا، ما الذي يمكن أن نفعل؟ لقد امرت بالهجوم عليهم حتى نردهم»، وأما آخر كان يجلس بالقرب منه فقال «لو لم نرد عليهم لحصل لنا ما حصل لبنغاسو». عمليات انتقامية وكانت مدينة بنغاسو في جنوب البلاد مسرح مجزرة أخرى قبل ثلاثة أيام من مجزرة بريا. وفي هذه المدينة ميليشيات الانتي بالاكا هي من شنت الهجوم وبعد يومين من الاقتتال، قتل أكثر من 150 شخصا، غالبيتهم من المدنيين المسلمين، ووقعت مجزرة بانغاسوا بعد مجزرة باكوما التي وقعت في وقت سابق. إنها سلسلة انتقامات بدات تنتشر في البلاد التي تغرق في اقتتال طائفي وحالة الفوضى التي تعيشها بريا ليست استثناء في افريقيا الوسطى، وهذه المدينة ليست سوى مركز الاوجاع التي تعاني منها الدولة. وسبب الاقتتال ليس سوى السيطرة على مناجم الماس التي تحاول الميليشيات السيطرة عليها. فمنذ عام تواجه افريقيا الوسطى مشاكل عنف كبيرة، بينما كانت الامور تبدو قد استقرت مطلع 2016 غداة انتخاب فوستين أرشونغ تواديرا رئيسا للجمهورية، لكن الامور تجري عكس التيار، حيث تواجه 12 ولاية من اصل 16 أعمال عنف، ويعترف الناطق الرسمي باسم الحكومة تيودور جوسو الذي يبدو ان الأمور تجاوزته يعترف بان اعمال العنف انتشرت في 14 ولاية. وفي السياق ذاته، فإن توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في 19 يناير لا يمثل سوى بصيص امل، ذلك ان العديد من المتابعين للوضع يتحدثون عن «فوضى»، لكن هذه الكلمة لا تعبر الا على جزء يسير مما تحاول هذه القوى فعله بما بقي من البلاد منذ عام.لوفيغارو

مشاركة :