الانقسامات تهدد مستقبل «التعاون الإسلامي» - أيمـن الحـمـاد

  • 6/19/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي كان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل يخاطب وزراء منظمة التعاون الإسلامي محذراً من التدخل الخارجي في العراق، كان الرئيس الإيراني حسن روحاني يخطب في مدينة (خرام آباد) القريبة من الحدود العراقية ويهدد بأن طهران ستحمي المزارات الشيعية في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء. الاختلاف الظاهر في الخطابين يكشف إلى أي مدى يبدو عليه الانقسام في منظمة التعاون الإسلامي التي تضم (57) دولة، ويعني هذا أننا أمام منظمة دولية هي الثانية من ناحية العدد، بعد الأمم المتحدة، إلا أن تلك الكثرة لا تنعكس أبداً قوة أو تأثيراً في العالم أو حتى في جسم المنظمة، التي لا يبدو أنها تقوم بما يجب عليها أن تقوم به بسبب اختلاف الأجندة لكل دولة، فالتنسيق والتكامل هو أبعد ما يمكن أن يوصف به هذا التجمع الذي يمهر شعاره بالآية الكريمة ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا). الحقيقة أن المنظمة تبدو اليوم عاجزة عن تخطي مشاكلها البينية البسيطة، فإنشاء مقر لأي هيئة يمكن أن يكون مشكلة كبيرة بين الدول الأعضاء ومجال خصباً للاستقطاب، مع العلم أن القرار داخل المنظمة يجب أن يتخذ عن طريق الإجماع وليس التصويت وهو ما يصعب ويعطل في بعض الأحيان الكثير من القرارات. يجب أن تدرك الدول الإسلامية أن ضعفها الحالي يستوجب العمل في إطار جماعي متحد بعيداً عن المصالح الضيقة، التي لا يمكن أن تنعكس إيجاباً على الجميع، وأن الظهور بمظهر الفُرقة هو دليل ضعف، ويضر بصدقية المنظمة أمام المجتمع الدولي. لقد عملت المملكة كثيراً في سبيل النهوض بمنظمة التعاون الإسلامي من أجل تحقيق حضورٍ دولي يتلاءم مع الرمزية السياسية الكبيرة للمملكة كونها دولة المقر، ومنبع الإسلام وتحتضن الحرمين الشريفين، وقد حذرت المملكة كثيراً من استغلال المنظمة في تحقيق أي مآرب سياسية، وساهمت في تحفيز دخول بعض الدول الكبرى والمعتبرة للمنظمة كمراقبين، وذلك من أجل إكسابها مزيداً من الحضور في المشهد السياسي الدولي. يجدر اليوم بأعضاء المنظمة تحقيق الحد الأدنى من التنسيق السياسي، وجعل المنظمة التي تتخذ من الإسلام هوية لها أن تحافظ على الثقافة التي يحض عليها هذا الدين، وأن تدرك أن العالم يمر بمرحلة تحولات وتحالفات كبيرة. ففي الشرق الآسيوي تسجل منظمات عدة مثل الآسيان التي تضم في عضويتها أربع دول إسلامية شيئاً فشيئاً حضوراً استراتيجياً في القضايا السياسية والاقتصادية في منطقة آسيا - الباسفيك، والأمر ينطبق كذلك على دول آسيا الوسطى التي بدا أن لها رغبة في تطوير علاقاتها بالتوازي مع الصين وروسيا، وصولاً إلى الغرب حيث تركيا التي تبدو حاضرة بقوة في الحلف الأطلسي، هذا الوجود الجغرافي الهائل للدول الإسلامية في تلك المنظمات يمكن أن ينعكس إيجاباً وقوة على منظمة التعاون أو أن ينعكس ذلك سلباً بإضعاف المنظمة وانعدام تأثيرها.

مشاركة :