زاوية – كتاب المستقبل – إشراف – إيمان حماد الحماد – بنت النور

  • 5/16/2023
  • 20:26
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

صمتي المتكلم. فهمت اليوم معنى الصمت حقاً، ليس الصمت كما نعلم، السكوت عندما لا يكون للحديث وجود ، أو الصمت عن المشاعر المتأججة بداخلنا، بل هو ذلك الصمت الذي يؤذينا من الداخل، لأننا نحاول فتح تلك الأحاديث، لنحادث أحبابنا، تلك الأحاديث الطويلة، لنستغرق الساعات الطوال لنصف دمعنا الذي يذرف بصمت . هذا الصمت يقتل كل شيء، الحب أو الكره، الشغف أو فقدانه، أو حتى يفقدنا القدرة على الكلام فلم نعد نجيد الحديث ، نبكي فقط ، كما أصبح الحال بي، فقط اريد البكاء كثيراً لأشرح ما بداخلي، من ألم يؤذيني، من حبٍ كسرني، بلا حيلة أرهقتني، معصوبة العينين لا أرى شيئاً ، ومكتفة الأيدي لا أستطيع فعل شيء، ولا حتى أذناي تنفعني، فأصبحت أُكَذِّبُ كل ما أسمعه عمن أحبه، أُكَذِّبُ كل ما يقولونه عنهم، حتى وإن كانوا للأسف صادقين! هذا الصمت أشبه بالشبح الذي لا نراه، أشبه بتلك الغيمة الوحيدة في سماء كبيرة، أشبه بذلك الحب الذي يملؤوه الكره، وأشبه بخيباتي التي أدفنها بصمتي. ورغم أنني أجهل معنى الصمت حقا. ولكن فهمته من بعد بكائي الكثير بحضن أمي، بعدما أخبرتها عن الألم الذي أعيشه، عن الجرح الذي لا يلتئم، وطبطبت علي، حتى أن طبطبتها لم تزل كل شيء، فقط أزالت شعوري بالوحدة لأنني أشعر بذلك بدونها، ومازالت تطبطب. كأن بكائي يشرح صمتي، فقد كنت أبكي مراراً وتكراراً، أبكي كثيراً، ولا أشرح أي شيء، أبكي وأقول تعبت، وإن أردت التكلم، بدأت بالغضب، أصرخ هنا وهنا، أقول كذا وكذا، وأصبح تلك الفتاة المتناقضة بين الحزن والغضب، بين الحب والكره، بين كل شيء، فأنا دائما أقت بين البينين ، ولا أقع في مكان محدد، هذا صمتي. صمتي ولو كان سعيداً ممن يحبه، دوماً يراقبه بكل حب، يراقبه وينظر إليه بنظرات كلها لطف، كلها امتنان لِما رزقه الله من نعمة عظيمة، وإن نظر هو إليّ لم أزل ناظري، وأبتسم، تلك الابتسامة لا يفهمها أحد، لا يفهم بأنها صمتي المتكلم فتشرح كل شيء. لا أحد يفهم بأنها تعبر عن الحب الذي يكمن بداخلي له، صمتي لربما يكون معقداً ، ولكنني أؤمن بأن صمتي يجسدني، بتلك الفتاة الرقيقة، التي تعلم الحب فقط ، لا تعمل بالمنطق وذلك مؤسف، وأنها لا ترى العالم سيئاً بل تحبه، ولكن أحلامها تتحطم بسبب من يعيش بذلك العالم الجميل بعيناها، وكما أن عيناها لو نظرت لها ستعلم عن كمية الألم الذي تعيشه وما زالت مستمرة بالعيش، لأنها تعلم بأنها تكافح كالأبطال الخارقين الذين كانوا فاريسي أحلامها، ولأنها تعلم بأن تلك الأميرة الصغيرة التي تكمن بداخلها، ستجد تاجها الضائع، ذلك التاج هو تاج النجاح والسعادة الذي تحلم فيه، ولكن صمتها يغلبها، صمتها أضحوكة لمجتمعها، يعاتبوها ويسمونها تلك “الفتاة الحساسة”، “الباكية”، “المتعصبة دوماً”. ومن المؤلم أن من يفهم ذلك، وأن من يعلم حقيقة صمتي المتكلم، فقط أعدائي وكارهيني، أما عن أحبتي فأنا أجهل حبهم الذي لم أره منهم قط. للتواكل مع الكاتبة AlhjylyDanh@

مشاركة :