متى ارتكبت عملية إرهابية في فرنسا يطالب المجتمع المدني بإعادة النظر في العلاقة مع قطر لأنها متهمة بتمويل الإرهاب وقد تزيد أزمتها الحالية مع السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر من تعقيد وضعيتها أكثر فأكثر.العرب حميد زناز [نُشر في 2017/07/04، العدد: 10681، ص(7)] في كتابها “جمهورية فرنسا القطرية، ترتيبات صغيرة وتسويات كبرى” تميط الصحافية الفرنسية بيرونجير بونت اللثام عن العلاقات المشبوهة بين كثير من المنتخبين الفرنسيين ودولة قطر. إذ أنجزت الكاتبة تحقيقا موثقا وواسعا حول ما يجمع الطبقة السياسية الفرنسية وإمارة الغاز من مصالح متبادلة لا شفافية فيها تنبعث منها رائحة الدولار من الحقائب المهربة. ومن السخرية البرلمانية أن يتهافت داخل قبة الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمانيون الفرنسيون، من اليمين واليسار والوسط، للانضمام إلى مجموعة الصداقة الفرنسية القطرية، في حين أنه لا وجود لبرلمان ولا حياة سياسية في قطر. بالتأكيد لقد وصلهم الحديث عن كرم القطريين مع زملائهم السابقين وعن ذهابهم إلى الدوحة في نهاية أسبوع كل عام على حساب الإمارة التي توزع الهبات وتدفع حتى نقدا بالمناسبة. من هنا نعرف لماذا لا أحد منهم اهتم بمصير رجل الأعمال الفرنسي جان بيار مارونجيو المحتجز في الدوحة دون محاكمة منذ العام 2013. ونفهم أيضا مصدر ذلك الصمت المطبق في قضية اضطرار باريس- تحت تهديد النائب العام القطري ومصالح أخرى كثيرة- إلى الضغط على مدير ثانوية بونابرت الفرنسية بالدوحة لإعادة إدماج تلميذة مصرية ترفض نزع الحجاب، وذلك في خرق صارخ للقانون الفرنسي الذي يمنع منعا باتا الرموز الدينية التبشيرية في المدرسة. تتجول الصحافية مع القارئ عبر 350 صفحة موزعة على عشرة فصول، وتنتقل به من نادرة موثقة توثيقا محكما إلى أخرى، وكلها تثير الاستغراب والشفقة على ما وصلت إليه أخلاق بعض الناس من تدن وسخافة ورشوة. توثق الكاتبة وتفضح دبلوماسية المحافظ المملوءة دولارا التي برع في ممارستها خلال عشرية كاملة محمد بن جهام الكواري، سفير قطر بباريس من سنة 2003 إلى سنة 2013. ويعترف موريس لوروا، نائب الوسط الذي كان على رأس مجموعة فرنسا- قطر المكونة من 53 نائبا برلمانيا، حينما تسأله الصحافية عما إذا كان النواب يتسلمون صكوكا من السفير مباشرة فيقول “اليوم الأمور مخالفة لما كان عليه الأمر في السابق، ولكن نعم، لقد فعل الكواري أشياء من هذا النوع”. وهو أمر لم ينفه مشعل آل ثاني السفير الذي خلف الكواري والذي أرسل لترتيب البيت القطري في باريس وتلميع صورة قطر التي ما انفكت تتلطخ في وسائل الإعلام ولدى الرأي العام الفرنسي. نقرأ أنه بمناسبة عشاء أقيم في قصر بوربون حضر فيه وزير خارجية قطر في شهر أبريل من سنة 2015، سأله بعض النواب غير المرتشين عن التهمة التي وجهتها الخزينة الأميركية لبعض مواطنيه في تمويل الإرهاب فثارت ثائرته وكادت أن تتحول الملاسنة بينه وبينهم إلى احتكاك جسدي. وليس الأمر مقصورا على النواب فقط، تقول الكاتبة، بل هناك الكثير من رؤساء البلديات والوزراء السابقين والسيناتورات قد حبكوا مع القطريين علاقات مشبوهة. ولكن الإرهاب الإسلاموي نغّص حياة هؤلاء، إذ كل ما ارتكبت عملية إرهابية في فرنسا يطالب المجتمع المدني بإعادة النظر في العلاقة مع قطر لأنها متهمة بتمويل الإرهاب وقد تزيد أزمتها الحالية مع السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر من تعقيد وضعيتها أكثر فأكثر. ولا علاقة للكتاب بأزمة قطر مع جيرانها الخليجيين كما قد يتبادر إلى ذهن القارئ، فالكتاب قد صدر قبل بداية الأزمة بأكثر من 5 أشهر وقد سبقه كتب أخرى حول تورط قطر في قضايا تبييض أموال وفساد وتمويل إرهابيين. كاتب جزائريحميد زناز
مشاركة :