هل حمل علمانيون عرب سلاحا في وجه مجتمعاتهم أو دولهم في يوم من الأيام، أو دعا أحدهم إلى سفك دماء الناس أو ترهيبهم، كما يفعل دعاة الدولة الإسلامية المرابطون في الدوحة.العرب حميد زناز [نُشر في 2017/07/31، العدد: 10708، ص(9)] كغيري من المتابعين لما يجري في منطقة الخليج العربي أو لما تطلق عليه وسائل الإعلام التي تملكون وتوجهون “حصارا” على بلدكم، تابعت خطابكم الأخير بكثير من الاهتمام ولم أكن في الحقيقة أنتظر جديدا في ما يتعلق بالأزمة وبالرد على مطالب البلدان المتخاصمة معكم والمقاطعة، ولكنني استغربت بعض ما جاء على لسانكم، بل انتابني حزن وأسى وأنا أسمعكم تقدّمون تعريفا للإرهاب أقل ما يمكن القول عنه إنه تعريف أيديولوجي مستل رأسا من فكر جماعة الإخوان المصنفة إرهابية من أكثر من جهة اليوم. كيف يمكن أيها الأمير المسؤول عن إمارة/ دولة القول بأن الإرهاب هو استعمال العنف ضد المدنيين العزل فقط؟ ماذا تقولون لعائلات عشرات الجنود وأفراد الشرطة الذين ذهبوا ضحية الإرهاب الإسلامي خلال عشرية كاملة في بلادي الجزائر؟ ماذا تقولون لأهالي عناصر الشرطة والجيش الذين راحوا ضحية الإرهاب الأصولي في مصر وتونس وفرنسا والسعودية والأردن وغيرها من البلدان؟ هل كان أبناؤهم الذين اختاروا العمل في صفوف القوى العمومية محتلين أجانب لأرض جاء الإسلاميون الجهاديون ومن يموّلهم لتحريرها بقتلهم؟ إذا كنتم تعتبرون، أيها الأمير، الاعتداء على كل من يحمل بدلة نظامية رسمية عملا لا علاقة له بالإرهاب، فما هو توصيف هذا الفعل الشنيع إذن. هل هو جهاد في رأيكم؟ وجهاد ضد من ومن أجل أي غاية؟ أنتم تعلمون أكثر من غيركم بحكم مركزكم السياسي في أعلى هرم السلطة في قطر أن ضرب رموز الدولة مهما كانت تلك الرموز ما هو سوى محاولة للنيل من الدولة ذاتها. هل قتل الأفراد المدنيين إرهابا وقتل العسكريين ورجال الشرطة الذين يحمون هؤلاء الأفراد ليس إرهابا؟ أليس هذا التعريف الغريب للإرهاب تشجيعا للإسلاميين الذين يروّجون بأن كل من يحمل الزي العسكري هو خادم لسلطة قائمة غير شرعية وعدو للشعب؟ ألا ترون بأن تعريفا مثل هذا قد يشكل دعما معنويا للإرهابيين الإسلاميين الذين يخططون للانقضاض على السلطة في البلدان العربية وزرع الرعب في الدول الأخرى؟ وككاتب علماني حر كتب دائما أن العلمانية هي الحل وأن الدولة الدينية مجرد وهم وأن الإخوان أصل الداء، وجدتُ حديثكم عن “الإرهاب العلماني” في خطابكم تجنيا على الحقيقة كي لا أقول وجدته تضليلا ومحاولة للدفاع عن الإرهاب الإسلامي. هل حمل علمانيون عرب سلاحا في وجه مجتمعاتهم أو دولهم في يوم من الأيام، أو دعا أحدهم إلى سفك دماء الناس أو ترهيبهم، كما يفعل دعاة الدولة الإسلامية المرابطون في الدوحة، هؤلاء الإخوان الذين هم حسب كل الدراسات المتخصصة مصدر كل الحركات الإرهابية في كل بلداننا، بما فيها القاعدة؟ هل دعا المفكر فرج فودة إلى قتل أحد أو التنكيل بآخر؟ ولكن ألم يغتاله الأصوليون في مصر؟ ألم يفرح الإخواني محمد الغزالي بموته على يد أتباعه المتطرفين؟ هل أقصى المفكر العلماني الجزائري الكبير محمد أركون أحدا أو دعا إلى سفك دم مسلم أو كافر في حياته؟ ألم يتعرض لإهانة كبيرة واتهام بالكفر في بلده الجزائر ذات عام من طرف من دعا إلى قتل القذافي، الإخواني المقيم في بلدكم، يوسف القرضاوي؟ كاتب جزائريحميد زناز
مشاركة :