الجزائر تبحث عن انقلاب شامل لإنهاء عهد الاقتصاد الريعي بقلم: صابر بليدي

  • 7/4/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر تبحث عن انقلاب شامل لإنهاء عهد الاقتصاد الريعيكشفت الحكومة الجزائرية عن ملامح انقلاب في السياسة الاقتصادية المتبعة منذ عقود في محاولة للخروج من عهود الاقتصاد الريعي، في ظل تصاعد الإحباط بين الجزائريين الذين يقولون إنهم راحوا ضحية الخيارات الفاشلة رغم الأموال الكثيرة التي تدفقت على البلاد خلال الطفرة النفطية.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/07/04، العدد: 10681، ص(10)]مسار الاقتصاد الضيق أكدت مصادر جزائرية لـ“العرب” أن رئيس الوزراء عبدالمجيد تبون يسير باتجاه إحداث إصلاح شامل في السياسة الاقتصادية التي أثبتت فشلها في العقد الماضي خاصة مع استمرار الأزمة التي تمر بها البلاد جراء تراجع عوائد النفط. وانتقد تبون خلال جلسة في البرلمان هذا الأسبوع سلفه عبدالمالك سلال لسوء إدارة أموال الدولة بعد أن تم إنفاق 7 مليارات دولار في استثمارات غير مجدية وعدم قدرته على التحكم في وجهة التحويلات الاجتماعية المقدرة خلال الموازنة الأخيرة بنحو 18 مليار دولار. وأوضح برلمانيون لـ“العرب” بأن رسالة تبون كانت تشير إلى بعض الاستثمارات في القطاع العام، على غرار قيام عبدالسلام بوشوارب وزير الصناعة والمناجم السابق بضخ أموال في مصنع الحجار للحديد والصلب بمدينة عنابة شرق البلاد لإنقاذه من “الإفلاس والانهيار”. وكانت حكومة سلال قد قررت في السنوات الأخيرة شراء أسهم الشريك الهندي أرسيلور ميتال في المصنع، بعد تراجع الإنتاج وفشل الإدارة في تحقيق طموحات الطرف الجزائري، ثم قامت في 2015 بضخ مليار دولار لصيانة تجهيزات المصنع. ويعيش المصنع الذي يعود إلى سبعينات القرن الماضي صعوبات كبيرة في تجاوز مرحلة فض الشراكة الجزائرية الهندية رغم الأموال الضخمة التي ضخت فيه، ما دفع وزير الصناعة الجديد محجوب بدة لإيفاد لجنة تحقيق للمصنع فور تنصيبه. وضيعت الجزائر على نفسها سنوات الريع النفطي حيث لم تستفد من العوائد المالية الكبيرة لتنويع اقتصادها، وهو ما أثر على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، لذلك وضعت الحكومة الجديدة استراتيجية للخروج من الأزمة.عبدالمجيد تبون: مخطط عمل الحكومة مبني على 5 محاور في مقدمتها تعزيز الاقتصاد المحلي وقال تبون أمام البرلمان إن “مخطط الحكومة يهدف لتنويع الاقتصاد المحلي والتحرر من التبعية المفرطة للنفط وتجاوز الصدمة النفطية التي عصفت بالبلاد منذ يونيو 2014”. ولخص مخطط عمل حكومته في 5 محاور أساسية تتمثل في تعزيز دولة القانون والحريات والديمقراطية والحوكمة وتنظيم الحياة العامة سياسيا واقتصاديا وحماية المكاسب الاجتماعية ومواصلة الاستثمار في التنمية البشرية. وتتجه الحكومة لفتح نقاش وطني حول سياسة الدعم الاجتماعي مع القوى السياسية والمجتمع المدني والشركاء الاجتماعيين بغرض توزيع مسؤولية المرحلة المقبلة على جميع الأطراف، بدل تحميلها كلية للحكومة، في خطوة لإرساء عقد اجتماعي جديد. ويقول اقتصاديون إن تركيز الحكومة على الجبهتين الاقتصادية والاجتماعية يشكل تنفيسا على التجاذبات السياسية الداخلية بسبب حالة الانسداد السياسي في هرم السلطة بسبب الوضع الصحي للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. ورغم تراجع جاذبية الجزائر للاستثمارات الأجنبية بسبب غموض الوضع السياسي في هرم السلطة وضبابية المناخ الاقتصادي، فإن تبون يرى الإبقاء على ما يعرف بقاعدة 51/49 بالمئة، لحماية الثروات المحلية والمحافظة على الرأسمال الداخلي في مشروعات الشراكة. وينتقد خبراء وهيئات اقتصادية التمسك الجزائري بالقاعدة المذكورة، واعتبروها أحد أسباب عزوف الاستثمارات الخارجية خاصة وأنها تشمل كل القطاعات بما فيها الاستراتيجية وغير الاستراتيجية، وطالبوا بمراجعتها بما يحقق الليونة في مناخ الأعمال. وتعمل الحكومة على استقطاب أموال الاقتصاد الموازي لتمويل الاستثمارات في القطاعين الحكومي والخاص، حيث وعد رئيس الوزراء بتوفير الضمانات اللازمة والحوار الضروري لإقناع أصحاب رؤوس الأموال الموازية بالانخراط في الاقتصاد الرسمي. وتراهن الحكومة على الصيرفة الإسلامية لجذب الكتلة النقدية المذكورة، خاصة بعد فشل آليات أطلقتها الحكومة السابقة، كسندات الخزينة والامتثال الضريبي الطوعي.7 مليارات دولار تم إهدارها خلال السنوات الأخيرة في استثمارات غير مجدية لم تحقق مردودات تذكر ورغم نسبة الفوائد التي تبلغ نحو 5 بالمئة والإعفاء من الديون الضريبية بموجب الامتثال، إلا أن العملية لم ترق لطموحات الحكومة التي كانت تأمل في جمع 5 مليارات دولار من الاقتصاد الموازي. ويتوقع أن تطلق الحكومة خلال الأسابيع القادمة حزمة تحفيزات جديدة لاستقطاب الأموال الموازية المقدرة بحسب بعض الاحصائيات بنحو 30 مليار دولار، بينما تشكل السوق التي تنشط فيها أكثر من 50 بالمئة من النشاط الاقتصادي والتجاري في البلاد. وتتوجس السلطات خوفا من الاضطرار تحت تنامي إكراهات الأزمة إلى الاستدانة الخارجية والإجراءات المرافقة لها، ما قد يجعلها في مواجهة مباشرة مع المواطنين. وكانت البلاد قد واجهت وضعا اقتصاديا واجتماعيا حرجا في أواخر ثمانينات القرن الماضي، أدخلها في تحولات صادمة مازالت تدفع فاتورتها لحد الآن، في شكل اضطرابات اجتماعية وأزمة سياسية وعدم استقرار. وفي هذا الشأن تأمل الحكومة في إرساء قواعد إجماع لمواجهة الأزمة الاقتصادية، بما فيها تقنين رؤوس أموال السوق الموازية لتفادي الاستدانة الخارجية، وهو خيار كان بوتفليقة قد شدد عليه في اجتماع مجلس الوزراء الأخير الشهر الماضي.

مشاركة :