سينتهي حلم دولة «داعش» وسينتهي معه أمل التنظيم على أراضي العراق وسورية التي سيطر علها منذ العام 2014، بعد مقتل زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي، الذي مارس الإرهاب وطغى في الأرض فساداً وتنكيلا، ولم يرحم صغيراً وكبيراً، تحت شعار ما يسمى بـ «دولة الخلافة الاسلامية».فالفرحة كانت عارمة حينما بثت اذاعة موسكو وتلفزيون ايران، خبر مقتل البغدادي مع صور توضح طريقة مقتله في احدى الغارات الروسية المكثفة في سورية، حيث تبين أن احتمال مقتله يكاد يكون مؤكداً 100 في المئة. كما لاحظنا في الوقت نفسه انهيار معنويات التنظيم من خلال انسحاباته التدريجية واستسلامه في مناطق إستراتيجية، كمحافظة حلب السورية ومدينة الموصل العراقية التي كان التنظيم يهيمن عليها كلياً.فقد بسطت القوات الأمنية العراقية سيطرتها التامة على جامع النوري الكبير الذي دمره «داعش» تدميرا كلياً في الموصل القديمة، ولم يجعل حرمة للمساجد ونكر قول الله تعالى حينما قال في محكم تنزيله: «إنما يعمر مساجد الله من أمن بالله واليوم الآخر». وكذلك قول الله تعالى: «ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم»، صدق الله العظيم.لقد مارست قوات «داعش»، البطش في الارض وتناست ان احب البقاع إلى الله تعالى هي المساجد، فتعمدت خرابها ودمارها. واليوم لم يعد ثمة مكان امن للعناصر الداعشية ولم يبق لهم مناطق يسيطرون عليها في الموصل وغيرها. وبالتالي فإن سيطرة القوات العراقية على جامع النوري الكبير يعني ان هناك نصراً تاريخياً بعد قتال دام اكثر من 8 أشهر، استعادت فيه هذه القوات، المعقل الرئيسي للتنظيم في العراق، والذي اعلن فيه البغدادي قيام «دولة الخلافة الخرافية» قبل ثلاث سنوات تقريباً، فلم ينسحب هؤلاء الخوارج من احياء الموصل الا بعد ان اقدموا على تفجير منارة الحدباء التاريخية التابعة للجامع التاريخي الكبير.لكن رغم تحقيق القوات العراقية هذه الانتصارات وإلحاق الهزيمة المدوية بعصابات «داعش» الارهابية، الا ان المعركة لا تزال مستمرة لتحرير بقية الاراضي العراقية التي اغتصبها هؤلاء الارهابيون من دون وجه حق. فهناك مناطق متبقية من الصعب الوصول اليها نتيجة اشتداد المعارك، ووقوع بعض العوائل العراقية تحت سيطرة «داعش»، وبالتالي فان الاسراع في عملية تطهير بقية الاراضي اصبحت حتمية، وهو الحل الأمثل لانهاء معاناة ربع مليون مدني كانوا يعيشون في قلب المدينة القديمة ولكن هربوا من بطش التنظيم الاجرامي.ولولا دعم التحالف الدولي الذي تقوده الادارة الحالية للولايات المتحدة ضد «داعش» في العراق وسورية، لما رأينا الهزائم وطعم الانتصار، بعد ما رأينا العجائب من التنظيم ومتطوعيه الذين يأتون من اقصى بقاع الارض للانضمام الى «داعش»، الذي يحافظ على تطوير اسلحة ثقيلة وكيماوية على الاراضي التي يسيطر عليها عسكرياً ومدنياً. وبالتالي فإن الاستسلام الكلي، جعل العراق مكاناً خصبا للتصفيات الطائفية والعرقية، خسر من خلاله الكثير من الضحايا الابرياء الذين سقطوا جراء عمليات القصف اليومية التي اتت معظمها على البنية التحتية في الجانب الغربي من الموصل ناهيك عن عمليات الابادة الجماعية على يد «داعش».فالضربات القاصمة التي تعرض لها التنظيم في الاونة الاخيرة، جعلته يقاتل بشراسة، ناهيك عن العدد المهول من العمليات الانتحارية التي نفذها مقاتلوه، والتي انتهت بخسارة مدوية في الموصل، وبالتالي هذه الهزيمة قد تزرع فيهم روح الانتقام والثأر من جديد في الايام المقبلة. بينما في المقابل، أعلن تلفزيون العراق الرسمي عن سقوط «دولة الخرافة»، وهي الخلافة المزعومة التي اعلنها البغدادي عام 2014، ما أدى إلى اصابة التنظيم بحالة من القلق وحدوث انهيارات في صفوفه واقتتال داخلي من اجل الاستحواذ على المناصب القيادية.ما بين 29 يونيو 2014 و29 يونيو 2017، سنوات معدودة ذاق فيها الشعبان العراقي والسوري الكثير من العذاب والقتل والارهاب بكل اشكاله من تنظيم ارهابي لا يعرف معنى الاسلام... تلك هي لعبة سياسية قذرة انكشف غطاؤها بسقوط زعيم «دولة الخرافة» وانهيار تنظيمه حتى يختفي من الوجود.ولكل حادث حديث...alfairouz61alrai@gmail.com
مشاركة :