ممثل مصري يرفض حبسه في دور واحدبدأت انطلاقة الممثل المصري أحمد رزق في الوسط الفني على خشبة المسرح، حتى اكتشفه المخرج التلفزيوني مجدي أبوعميرة في مسلسل “الرجل الآخر” نهاية التسعينات من القرن الماضي مع الفنان الراحل نور الشريف، وقدم دور شاب معاق ذهنيا. ورغم أنه اشتهر في ما بعد بالتمثيل الكوميدي إلاّ أنه تمرد سريعا على فكرة القالب الواحد وجسد أدوارا مختلفة في السينما والتلفزيون، كان آخرها في الموسم الدرامي الرمضاني المنقضي عبر مسلسل “إزّي الصحة”.العرب هشام السيد [نُشر في 2017/07/05، العدد: 10682، ص(16)]إزي الصحة كوميديا مغلفة بالدراما القاهرة- يضع الممثل المصري أحمد رزق لنفسه منهجية ثابتة في التمثيل تعتمد على الموضوع، أو ما أسماه القضية ليظهر على الناس من خلالها، سواء كان العمل كوميديا أو تراجيديا، وفي حواره مع “العرب” أكد النجم المصري أنه ممثل يعشق المسرح وتفاصيله ويعمل في التلفزيون أو السينما بنفس ميوله في المسرح، وهو لا يحب نموذج الضحك الحالي ويريد أن يتضمن العمل موضوعا وهدفا ورسالة. ورأى أن أهم ما يميز موضوعاته تناولها في إطار كوميدي، إذ يقول “لكن ليس طوال الوقت، لأن هناك بعض الأحداث في المسلسل تكون مؤثرة رغما عنا، وبالتالي لا يجوز أن يدخل فيها عنصر الكوميديا، والموضوع أو الإطار الرئيسي للقصة يظل كوميديا”. وحول ما إذا كان البعض من صانعي الدراما يلجأون أحيانا إلى “الفارس” أو الكوميديا “التسلوية” لتمرير انتقادات مبطنة وغير مباشرة للحكومة، أكد أنه لم يحدث أن ابتعد ممثل عن تناول موضوع معين خوفا من الرقابة، لأنه لا توجد تلك الرقابة القادرة على منع تناول أي موضوع مادام جيدا. ويوضح “إذا كنت أتناول الواقع يجب أن انتبه إلى أنني أقدم فنا، بحيث لا يجوز نقل الواقع بكل ما فيه من سلبيات أو ألفاظ فجة على الشاشة، فأنا شخصيا أنقل ما تسمح به أخلاقي، لأنني دائما أقوم بدور الرقيب على ما أنقله إلى المتلقي”.رزق يرفض الاعتماد على فكرة الفرصة الثانية في المشاهدة بعد انتهاء شهر رمضان لإعادة تقييم المسلسل جماهيريا ورزق معروف عنه أنه يأنف استخدام الألفاظ المسيئة والخادشة للحياء في أعماله، وينفي أن يكون حرصه على ذلك سعيا للشهرة، أو بناء على قرار مسبق لاكتساب الفئات الباحثة عن الحياء في العمل الفني، بل يشدد على أن ذلك هو شيء يؤمن به، ويقول “قناعاتي دائما هي تقديم الكوميديا المغلفة طوال الوقت بقضية أو موضوع”. وفي مسلسله “إزّي الصحة” (كيف الصحة) من تأليف يوسف معاطي وإخراج إبراهيم فخر، والذي عُرض ضمن الماراثون الدرامي الرمضاني الأخير، كان أحمد رزق حريصا على مناقشة قضية فساد الصحة والمستشفيات في إطار كوميدي، وأكد أنه لا يوجد منزل في مصر لا يعاني من فساد الصحة بشكل عام، على مستوى الإدارة بالمستشفيات أو الأطباء أو التمريض. وكان البناء الحقيقي لقصته قائما على الدراما وليس الكوميديا والضحك، وناقش قضية الاتجار بصحة المصريين في إطار صادم وجريء وتحذيري للدولة للتصدي لفساد بعض العناصر في المستشفيات ومخالفتهم للقانون واحتكار العلاج. وعن المسلسل يقول “صراحة الفكرة جعلتني منذ قراءتي للسيناريو أقرر أن يواجه رضا، بطل المسلسل، مشاكله المتكررة بالابتسامة والسخرية مهما كان حجم المأساة”. وأشار إلى أن رضا في المسلسل هو شخص خفيف الظل، لكن عندما يقع في أزمة سيكون مطلوبا منه بالتأكيد ملء مساحة تمثيل باقتدار حتى يعيش الأزمة كما هي، كي يتفاعل معه الجمهور، حيث سيشاهده يبكي ويضحك كأي إنسان عادي، فالحالتان لا تنفصلان، إذ لا يمكن أن تجد شخصا يبكي فقط أو يضحك فقط طوال اليوم. ويجد أحمد رزق أن شخصية رضا في مسلسل “إزّي الصحة” قريبة من الناس وتتحدث بلسان حالهم؛ فهو كبير العائلة ويحمل على عاتقه مسؤولية أسرته بعد وفاة أبيه منذ أن كان طالبا في كلية الطب، وضحى بحلمه من أجل والدته وأخواته البنات وتحول من طالب إلى قدوة للجميع، وهذا نموذج حقيقي موجود داخل المجتمع المصري، خاصة في المناطق الشعبية الفقيرة، ويقول “إنها عائلة تشبه كثيرا تلك العائلات التي تربينا فيها جميعا”. وأضاف رزق أن شخصية رضا فيها الكثير من شخصيته هو، في ما يتعلق بعلاقته بأخواته والكثير من مناحي حياته، لذلك لم يجد صعوبة في تجسيدها على الشاشة، وقال “رضا يشبهني في الابتسامة رغم الوجع، وكان بالنسبة إلي السهل الممتنع، لأن السهولة سلاح ذو حدين في إيصال الرسالة إلى المشاهد دون استخفاف”. وتعمد مخرج العمل إبراهيم فخر عدم الاعتماد على ديكور مصنوع للتعبير عن الحارة المصرية، ولكنه انتقل إلى منطقة بولاق أبوالعلا بوسط القاهرة، وهنا رأى رزق أن الواقعية في تجسيد الحارة أو المكان تلفت انتباه المشاهد دون أن يشعر فيتفاعل مع العمل حتى وإن لم ينتبه لهذه الجزئية، لأنه يعيش هذه التفاصيل في حياته اليومية، وبالتالي لن يشعر بغربة تجاه العمل الذي يشاهده، قائلا “بالنسبة إلي من المهم أن يصدق المشاهد العمل الفني، لأنه إذا صدق سيستمتع بالعمل”.رزق معروف عنه أنه يأنف استخدام الألفاظ المسيئة والخادشة للحياء في أعماله، وينفي أن يكون حرصه على ذلك سعيا للشهرة، أو بناء على قرار مسبق لاكتساب الفئات الباحثة عن الحياء في العمل الفني ورغم أهمية القضية التي يناقشها المسلسل، إلا أن أحمد رزق يقول إن مسلسل “إزيّ الصحة” ظُلم في الدعاية، لكنه لم يظلم في العرض، نافيا أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي قادرة وحدها على المساهمة في انتشار أي مسلسل بين الجمهور، ولكنها تساعده على متابعة المسلسل في أوقات أخرى من العرض. ورفض رزق الاعتماد على فكرة الفرصة الثانية في المشاهدة بعد انتهاء شهر رمضان لإعادة تقييم المسلسل جماهيريا، مبررا ذلك بأن العمل الفني يُعاد تقييمه كل فترة، والمطلوب من الممثل تقديم منتج جيد فقط، ويترك الحكم للجمهور، وفي هذا الصدد يقول “الفيلم الذي تم إنتاجه في الخمسينات والستينات من القرن الماضي يُعاد تقييمه اليوم”. وأكد أن العرض الرمضاني مفيد بالنسبة إلى أي عمل فني، لأن كل مسلسل جيد سيحصل على حقه من نسبة المشاهدة، وبالنسبة إلى مسلسله “إزيّ الصحة” يجد أن الظروف كانت لصالحه، لأنه الوحيد الذي اعتمد على كوميديا الموضوع، في حين أن الأعمال الأخرى، في تقديره، قامت على “الفانتازيا” فقط. والخريطة الفنية للأفضل أو الأسوأ دائما تتوقف على مدى ثقافة وتعليم المجتمع، حيث يجد رزق أن الارتقاء بالتعليم هو بداية الارتقاء بالذوق العام وبالثقافة العامة، ويوضح “أهملنا التعليم فحصدنا نتائج سلبية تمثلت في فئة من الشباب قد لا تود رؤيتهم”. والاهتمام بفن الموضوع أو القضية يجعل الممثل منشغلا بمتغيرات المجتمع على كافة المستويات، ولكن بالنسبة إلى أحمد رزق يأتي اهتمامه بالقضايا السياسية من كونه مواطنا وليس فنانا، فهو في النهاية فنان ملك لكل الناس، لذلك يبتعد عن طرح آرائه السياسية كثيرا. وبالنسبة إليه الموهبة هي الأساس في العمل الفني، ثم يأتي صقلها بالدراسة، ويليهما الحظ والظروف التي تساهم في انتشار النجم عند الجمهور، ويشير إلى أن “فكرة البطل الأوحد، رغم تجاربي فيها منذ بداياتي، لا تشغلني، لأنني أحب عملي والدور الذي أجسده دون الانشغال بجزئيات لن تفيدني في مشواري”.
مشاركة :