التأييد الشعبي يعزز موقف رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال التعديل الوزاري المرتقب.العرب آمنة جبران [نُشر في 2017/07/05، العدد: 10682، ص(4)]اهتمام بمشاغل المناطق الداخلية تونس - سجل رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد نقاطا سياسية لصالحه عقب إعلانه مايو الماضي، حربا على بارونات الفساد في تونس، متعهدا بخوضها حتى النهاية. واعتقلت السلطات التونسية، مؤخرا، 10 رجال أعمال معروفين، لتورطهم في تهم فساد مالي وتهريب ومساس بأمن الدولة ووضعتهم قيد الإقامة الجبرية. وتمت مصادرة أملاك 8 من رجال الأعمال التونسيين الذين ثبت تحقيقهم لأرباح بشكل غير مشروع جرّاء علاقاتهم وارتباطاتهم بنظام الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي وعائلته. وأفرزت الحملة ضد الفساد تراجعا في نسبة التشاؤم لدى التونسيين بـ17 بالمئة لتصل إلى 52.1 بالمئة بعد أن كانت في حدود 69 بالمئة في شهر يونيو الماضي، حسب البارومتر السياسي لمؤسسة سبر الآراء التونسية “سيغما كونساي”. كما سجلت نسبة الرضا عن رئيسي الجمهورية والحكومة ارتفاعا على التوالي بـ16.6 بالمئة و12.2 بالمئة. وبلغت نسبة الرضا عن رئيس الحكومة رقما قياسيا وصل إلى 80.2 بالمئة ليحل بذلك للمرة الأولى في صدارة مؤشري الثقة والمستقبل السياسي للشخصيات العامة على المستوى الوطني وعلى مستوى ناخبي حركة نداء تونس، حسب ما أوردته صحيفة محلية. ويلفت المحلل السياسي والناشط الحقوقي مصطفى عبدالكبير خلال تصريحات لـ“العرب” إلى أن حكومة يوسف الشاهد كانت تتجه نحو السقوط ونادت أحزاب عديدة بداخل الائتلاف الحاكم وخارجه بضرورة تغيير الشاهد الذي مازال برأيهم لا يتمتع بالتجربة الكافية للحكم.مصطفى عبد الكبير: حملة الإيقافات نقلت الشاهد من رئيس وزراء يرجى إقالته إلى رئيس وزراء مهاب وتعرّضت حكومة الشاهد كباقي الحكومات المتعاقبة على الحكم منذ ثورة يناير 2011 إلى ضغط شعبي واحتجاجات بعدة محافظات تونسية، تطالب بالتشغيل ونصيبها في التنمية. واستطاع الشاهد أن يواجه ضعف إدارة فريقه الحكومي للأزمة الاجتماعية والاقتصادية ويطفئ لهيب الغضب الشعبي بسنه جملة من الحلول الجادة والواقعية. واتجه نحو المعضلة الرئيسية وهي معضلة الفساد التي كانت سببا في انهيار نظام بن علي ودافعا لثورة يناير 2011. ويقول عبدالكبير “وجد الشاهد نفسه في منعرج خطير وبإرادته اهتدى إلى ضرورة ترك التجذابات السياسية والتوجه مباشرة إلى ملف الفساد”. والشاهد، القيادي بحركة نداء تونس، تعرضت حكومته خلال الفترة الماضية إلى انتقادات من داخل حكومة الوحدة الوطنية وخارجها بلغت حد الدعوة إلى إقالته والمطالبة بتحوير في حكومة الوحدة الوطنية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة. وقال محسن مرزوق الأمين العام لحركة مشروع تونس في تصريحات سابقة إن “حكومة الشاهد انتهت وتآكلت من الداخل سياسيا وأصبحت خطرا على الدولة ولا بد من تشكيل حكومة كفاءات غير متحزبة”. ويرى عبدالكبير أن “حملة الإيقافات لرجال أعمال كشفيق جراية وعدد من الجمركيين وتجار العملة في المناطق الحدودية، نقلت الشاهد من رئيس وزراء يرجى إقالته إلى رئيس وزراء مهاب يطلب الكل وده”. ويعتقد مراقبون أن الشاهد استطاع من خلال الحرب على الفساد تقوية موقفه الذي سيتضح خاصة خلال التحوير الوزاري المرتقب، إذ من المتوقع أن يختار الوزراء الجدد وفقا لرؤيته دون الامتثال إلى ضغوط الأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج. ومن المرتقب إجراء تحوير في حكومة يوسف الشاهد، عقب شغور وزارتين هامتين (المالية والتربية) تعملان تحت إشراف مؤقت (بالنيابة) أبريل ومايو الماضيين، بسبب إقالة لمياء الزريبي (وزيرة المالية) وناجي جلول (وزير التربية). ويلفت عبدالكبير إلى أن “الحملة ضد الفساد كانت لها تداعيات خارجية ايجابية حيث وافق صندوق النقد الدولي على منح تونس القسط الثاني من القرض المخصص لها مباشرة بعد شن الحملة”. ووافق صندوق النقد الدولي في تونس على صرف شريحة ثانية قيمتها 320 مليون دولار أي بحوالي 700 مليون دينار، من برنامج قرض مخصص لتونس في الثاني عشر من يونيو الماضي، بعد التوصل إلى اتفاق بشأن أولويات الحكومة للإصلاح. كما وافق مجلس إدارة الصندوق على المساعدة لتنفيذ جملة من الإصلاحات التي التزمت بها الحكومة التونسية في المجال الاقتصادي والمالي والتنمية الجهوية. ويرى عبدالكبير أن “نجاح الانتخابات المحلية القادمة ستكون مقياسا لمدى نجاح الشاهد في ترسيخ الديمقراطية المحلية، وعلى مستوى خارجي مدى صموده أمام الهزات الخارجية في ما يخص التعامل مع ملف السياسة الخارجية التونسية بعد أزمة الخليج”. ويضيف “نسب الرضا الشعبي التي تروج هي نسب المواطن البسيط، لكن النسب الحقيقية ستسجل عندما ينجح الشاهد على المستويين الاقتصادي والأمني”. ويشير المحلل السياسي فريد العليبي في تصريحات “للعرب” إلى أنه من أبرز العراقيل التي تحُول دون نجاح الشاهد هي الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور وغياب الانسجام بين مكوّنات حكومته وصلب حزبه. وتصاعد التوتر داخل حزب نداء تونس أبرز الأحزاب الحاكمة في البلاد، أدى إلى انشقاق العديد من القياديين عن صفوفه وانتقالهم إلى كتل برلمانية وأحزاب أخرى.
مشاركة :