ساهمت وسائل الإعلام مرئية ومسموعة ومقروءة بما تبثه من إعلانات وترويج للعديد من السلع والمنتوجات في إيجاد نوع من المجتمعات المستهلكة وبامتياز، والمجتمعات العربية عمومًا والخليجية بشكل خاص وبلادنا في مقدمة تلك الدول، مما دفع الأسر السعودية إلى نمط عيش قد لا يتناسب مع دخلها، ولم يعد باستطاعة رب الأسرة الإيفاء بمتطلبات أسرته من دون الاقتراض أو اللجوء إلى البنوك وخلافها، إذ لا سبيل أمامه إلا بذلك، واضعًا نصب عينيه المقولة الشهيرة: "أنفق ما في الجيب، يأتيك ما في الغيب"! وللأسف الشديد فإن تلك المقولة وسواها من سوء ثقافة الاستهلاك السائدة في مجتمعنا، ثقافة الاستهلاك السلبي التي أضحت هي المهيمنة تقوم على الإسراف لإشباع حاجات غير ضرورية وغير مهمة مع انصراف كامل وإعراض عن ثقافة الاقتصاد والادخار. ويشمل هذا - بحسب جريدة المدينة العدد (18682)- غالبية طبقات المجتمع شاملة الأسر ذات الدخل المحدود، حيث إن 98% من المواطنين مقترضون، و26% يحاولون الادخار، ويحتل السعوديون أدنى المعدلات خليجيًا على صعيد الادخار. وهذا ما أشار إليه عضو جمعية الاقتصاد السعودية الدكتور عصام خليفة عبر جريدة المدينة بأن الاستهلاك السلبي مشكلة اقتصادية تسبب الكثير من المخاطر المادية والاجتماعية، منها على سبيل المثال: استنزاف دخل الأسرة، كما أن كثيرًا من أرباب الأسر تحوّلوا من مدّخرين إلى مقترضين! لقد أضحت القروض مصطلحًا تتعامل معه الغالبية العظمى من المجتمع، إذ لا يوجد مواطن إلا ويُسدِّد قرضًا أو عدّة قروض على شكل أقساط شهرية، مما يُثقل كاهله لسنوات. تجاوز حجم القروض الشخصية مبلغ 400 مليار ريال، بينما بلغت نسبة القروض الاستهلاكية أكثر من 80% من إجمالي القروض الشخصية، وهذا مؤشر خطير غير مسبوق ينتج عنه أعباء مالية كبيرة على الأفراد كون الدخل المتبقي بعد حسم قيمة القرض/ القروض تصرف على متطلبات لا تكفي لتلبية احتياجات الحياة، الأمر الذي يدفع بالشخص إلى المزيد من القروض والمزيد من المديونيات. إن الاقتراض ينشط في شهور الصيف؛ سيما الاقتراض من أجل السفر أو الترفيه أو لشهر رمضان واحتياجاته، والعيد ومستلزماته، والمدارس ولوازمها، وكل ذلك يأتي في شهور متلاحقة تدفع الكثير من الأسر إلى اللجوء للبنوك كأسهل الوسائل وأسرعها لتأمين القرض اللازم، وإذا لم يتمكن رب الأسرة من الحصول على قرض فإنه يسعى للحصول على بطاقة ائتمان تستخدم بشكل سلبي تؤدي إلى تراكم الديون والفوائد مما يُؤثِّر سلبًا على ميزانية الأسرة. إن الأسر السعودية مدركة حقيقة ظروفها، لكن تنقصها ثقافة الادخار معرفةً وتطبيقًا، مما جعلها تتوسَّع في المصاريف. الإعلامية مها شلبي أبانت بأن ثقافة الادخار لدينا ضعيفة ومحدودة، وتطغى عليها عشوائية الاستهلاك، فنحن السعوديون نستهلك بشكل رهيب وفيما لا حاجة لنا فيه ولا ضرورة. إن على وسائل الإعلام والجهات ذات العلاقة أن تبدأ بشكل جدي في التوعية الحقيقية للمجتمع في بث ثقافة الادخار والاقتصاد، ومحاربة ثقافة الاستهلاك السلبي المحموم؛ الذي بدأ يأخذ شكل الظاهرة. عليهم أن يغرسوا ذلك في الأبناء ومنذ مراحلهم التعليمية الأولى، في سبيل بناء مجتمع سليم حسن التقدير والتدبير. Hussain1373@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (38) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :