قد تكون رسوم التابعين والمرافقين للعمالة الأجنبية التي بدأت الحكومة فرضها من بداية هذا الشهر الميلادي مؤلمة وثقيلة خصوصا في مراحلها المقبلة بدءاً من 2018، إلا أن وجود 917 ألف سعودي عاطل عن العمل أكثر إيلاما وثقلا وخطورة. وبالتفصيل، فقد اعلنت الحكومة بداية من السبت الماضي تطبيق رسوم التابعين وهم "الزوجة والبنات والأبناء الذكور حتى 18 سنة"، والمرافقين وهم "الأبناء الذكور فوق الـ18 سنة والزوجة الثانية والثالثة والرابعة والأب والأم وأب الزوجة وأم الزوجة والعمالة المنزلية والسائقون وكل من على كفالة الأجنبي بشكل مباشر". الرسوم بدأت بمئة ريال شهريا وبمعدل 1200 ريال للشخص الواحد سنويا، وستتضاعف في يوليو 2018 والعام الذي يليه لتصل في يوليو 2020 لـ400 ريال شهريا أو مايعادل 4800 ريال للمعال أو المرافق الواحد في السنة. كما اعلنت الحكومة أيضاً عن بدء تطبيق الرسوم على الأعداد الفائضة عن عدد العمالة السعودية في مستهل 2018، وبمعدل 400 ريال شهرياً عن كل عامل وافد وتتضاعف لتصل 800 ريال في 2020 أي بمعدل 9600 ريال للشخص الواحد في السنة. من جهة ثالثة، اعلنت وزارة الداخلية تمديد مهلة المخالفين في حملة "وطن بلا مخالف" لشهر إضافي ينتهي بنهاية يوليو الحالي، ومن المتوقع أن تسفر الحملة عن مغادرة 200 إلى 400 ألف وافد مخالف. بالتأكيد، هذه الخطوات المتزامنة تعتبر انتفاضة كبيرة من الحكومة لتصحيح تشوهات سوق العمل، وحتى مع السلبيات والآلام التي تصاحبها إلا أنها ضرورية حيث لم تفد السياسات "الناعمة" شيئا طوال ثلاثين عاما مضت، بل كانت بطالة السعوديين تتزايد عاماً بعد آخر، ووصل الحال أن سوقنا بدأت تعاني من بطالة العمالة الأجنبية فوق بطالة ابنائها في وضع غريب وعجيب لا يقبله منطق. وبالطبع، لايمكن الحديث عن الأثر المالي لهذه القرارات حاليا، فالمتوقع أن يغادر البعض من العمالة الوافدة، فيما سيرحل آخرون أسرهم وأولادهم، وسيبقى مع عائلته من هو قادر على التأقلم مع الأعباء والتكاليف الجديدة. وفي رأيي أن تطبيق الرسوم على الأعداد الفائضة عن عدد العمالة السعودية بداية من 2018 هو الذي سيكون مؤثرا بشكل أكبر وأوضح من رسوم التابعين والمرافقين، وسيكون هو العنصر الحاسم في زيادة السعودة وتقليص حجم التستر التجاري وتقليص حجم العمالة الأجنبية إلى الحد الأمثل المطلوب لكل نشاط تجاري. ختاما، الرسوم التي بدأ تطبيقها وتلك المنتظرة بداية 2018 والتي اعلن عن عدم استثناء أي جنسية منها لن يقتصر أثرها على رفد ميزانية الحكومة، بل سيكون لها انعكاسات سلبية وايجابية مباشرة على السوق، فالمتوقع أن ترتفع أسعار السوق نتيجة فرض هذه الرسوم، ومن المتوقع أن تخرج منشآت ومؤسسات صغيرة ومتوسطة من السوق لعد قدرتها على تحمل هذه الرسوم، ومن المنتظر أن تسافر العمالة الجيدة وتبقى السيئة التي لا يمكنها الحصول على فرصة عمل في بلدانها أو في بلدان أخرى. إلا أن الأثر الإيجابي سيكون انخفاض أسعار العقارات والإيجارات بشكل كبير، كما يخفف تقليص عدد الوافدين الضغط على الخدمات العامة من كهرباء وماء واستهلاك للوقود المدعوم، وستتقلص تحويلات الأموال للخارج، والأهم أن السعودي سيجد عملاً يغنيه في وطنه، وأن التصحيح لسوق العمل سيجنب الوطن بمشيئة الله مخاطر بطالة الشباب ومايتبعها من آثار أمنية واجتماعية واقتصادية وسلوكية لا تحمد عقباها ولا تخفى عواقبها على كل عاقل فطن.
مشاركة :