ما الذي تعلمناه من مشكلة كورونا «2ــ2»

  • 6/22/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الدرس الثاني الذي أرجو أن نكون قد تعلمناه من مشكلة فيروس كورونا هو عدم انتظار المشكلات الصحية إلى أن تحدث فنتصدى لها وإنما هو استباق الحدث والوقاية منه قبل وقوعه. عاصرت الرعاية الصحية في بلادي لنحو من 40 عاما، ولمستها عن قرب في أكثر البلاد العربية. وأشهد هنا أن الوقاية لم تعط حقها من الاهتمام والجهد والمال. لا أريد أن أغمط المجتهدين حقهم فهناك مشاريع وقائية تمت على أرض الواقع ولكني أتحدث على وجه العموم فأقول إن الأوضاع الصحية في العالم العربي كان بالإمكان أن تكون أحسن مما هي عليه اليوم لو كان هناك اهتمام كافٍ بالوقاية من المرض قبل حدوثه. الأمثلة على أهمية الوقاية كثيرة لا يعدها حصر. يحضرني هنا الوباء العالمي لمرض الكوليرا الذي اجتاح العالم في بداية السبعينات من القرن الماضي. انداحت موجته من شرق آسيا، واجتاحت القارة الهندية وامتدت منها إلى الشرق الأوسط ثم امتدت إلى أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وحصدت في طريقها آلاف الأرواح. تسألني ماذا عن أوروبا ؟ أجيبك بأن وباء الكوليرا اقترب من حدودها الجنوبية ولم يجرؤ على أن يمسها بسوء بإذن الله ثم بالبيئة النظيفة وارتفاع الوعي الصحي مع بقية الإجراءات الوقائية الاحترازية. وبذلك نجت أوروبا من المرض. وإذا عدنا إلى العصور الوسطى نجد أن أوبئة مثل الكوليرا والجدري والطاعون كانت تفتك بالملايين من البشر لأن أسباب الوقاية لم تكن متوفرة. وإذا ما ألقينا نظرة فاحصة على مشكلة كورونا في المملكة بناء على الإحصاءات المتوفرة لدينا نجد أن أول حالة ظهرت كانت في يونيو 2012 واستمرت وتيرة المرض محدودة إلى منتصف مارس 2014 ثم بدأت في الارتفاع المفاجئ وبلغت قمة الارتفاع مع نهاية أبريل لتعود إلى الانخفاض، واليوم وأنا أكتب في 10 يونيو نجد أن المرض بدأ في الانحسار. هل هو انحسار حقيقي؟ نرجو ذلك. ولكن الحيطة أوجب. أرجو أن نستمر في مواجهته بقوة إلى أن يقضى عليه بإذن الله، بخاصة ونحن مقبلون على موسم الحج بما فيه من ازدحام ووافدين يأتوننا من كل فج عميق. خلاصة ما أرجو أن نكون قد تعلمناه من كورونا هو تفتيت المركزية بحيث تعطى كل مديرية شؤون صحية ميزانية خاصة بها تنفذ بها مشاريعها وبرامجها بالتعاون مع أفراد المجتمع، وتتفرغ الوزارة لوضع المعايير والأهداف والمتابعة والتقييم والمحاسبة. الأمر الثاني هو أن الوقاية يجب أن تأخذ حقها من الاهتمام. الوقاية تستحق منا ميزانية ضخمة ــ هي في حقيقة الأمر استثمار ــ لتطبيق إجراءات متعددة متساوقة تشمل فيما تشمل رفع مستوى الأداء في مراكز الرعاية الصحية الأولية (الواجهة الأولى لحمايتنا من المرض) بحيث تؤدي دورها المرسوم في الوقاية والعلاج وتطوير المجتمع، وتكثيف برامج التثقيف الصحي، ورعاية الأمومة والطفولة، وإصحاح البيئة، والتغذية، ومكافحة الأمراض المتنقلة والمزمنة. وقبل كل هذا وذاك إعداد القوى البشرية التي ستقوم بكل هذه المهام.

مشاركة :