رفض وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي «التطبيع» مع النظام السوري، محذراً من أن طرح الموضوع في مجلس الوزراء سيؤدي إلى تعطيل عمل الحكومة اللبنانية.واعتبر أن على رئيس الجمهورية ميشال عون أن يتحمّل المسؤولية في حال اتخذ قراراً في هذا الاتجاه، كما دعا النظام السوري إذا كان مستعداً لاستقبال اللاجئين أن يعلن ذلك صراحة، خصوصاً أن الحدود بين سوريا ولبنان مفتوحة.وقال المرعبي في حديث مع «الشرق الأوسط» أمس: «منذ أن تشكلت الحكومة كان الاتفاق بين الأفرقاء على ربط النزاع ووضع المواضيع الخلافية جانباً، أهمها سلاح حزب الله وتدخله في حرب سوريا واليمن والتركيز على الأمور الحياتية اليومية للشعب اللبناني وتسيير أمور الناس»، مضيفاً: «أما اليوم وبعد عملية الجيش الاستباقية في عرسال، الأسبوع الماضي، التي نجح خلالها في حماية أهالي المنطقة واللاجئين، كما وكل اللبنانيين من العمليات الإرهابية، الوضع لم يتغيّر، ويجب أن يبقى الاتفاق على ما هو عليه في ظل الانقسام بين الأفرقاء في مقاربة موضوع النازحين»، معتبراً أن النقاش في هذا الموضوع دونه عقبات عديدة.ورأى أن تداعيات العملية وردود الفعل العنصرية كانت نتيجة سياسة التحريض التي يعتمدها البعض في لبنان، رافضاً في الوقت عينه استباق نتائج التحقيقات التي بدأ العمل عليها، خصوصاً فيما يتعلق بالموقوفين السوريين الذين أعلن عن وفاتهم بعد توقيفهم، وأشارت بعض المعلومات إلى أنهم فارقوا الحياة نتيجة التعذيب، وهو الأمر الذي ينفيه الجيش اللبناني.وكرّر المرعبي موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي سبق أن أعلنه في جلسة الحكومة الأربعاء الماضي لجهة رفضه طرح موضوع التعاون مع النظام السوري بشأن قضية اللاجئين على طاولة مجلس الوزراء، معتبراً أن أمراً كهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على الحكومة، ويؤدي إلى تعطيل عملها.وأضاف: «القبول بالتواصل مع نظام مجرم يعني تغطية لكل الأعمال التي يقوم بها الحلف الإيراني السوري وهذا ما لم ولن نقبل به».وعن المعلومات التي أشارت إلى أنه وبعدما أخذ عون على عاتقه قضية اللاجئين السوريين نتيجة الخلاف الذي حصل حولها، في جلسة الحكومة الأخيرة، قد يعمد إلى تكليف مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم موفداً رئاسيّاً للتواصل مع النظام السوري والتنسيق بشأن هذه القضية، قال المرعبي: «تيار المستقبل سيستخدم حقه الدستوري ويرفض إدراج موضوع التواصل مع النظام على جدول الأعمال. أما إذا قرّر الرئيس عون اتخاذ قرار كهذا فعندها عليه أن يتحمل مسؤوليته وتداعياته»، مضيفاً: «الرئيس في النهاية بإمكانه استشارة من يريد لكن نحن نرفض إرسال اللاجئين إلى المحرقة التي هربوا منها».ودعا النظام السوري ورئيسه بشار الأسد إذا كان مستعداً لاستقبال اللاجئين وتأمين عودة آمنة لهم «أن يعلن ذلك صراحة ويقنعهم بالرجوع إلى بلدهم من دون أي ضرورة للتواصل مع الحكومة، وعندها من يريد أن يعود من اللاجئين سيعود»، مضيفاً: «حدودنا مفتوحة، ولن نمنع عودة أحد، إنما لن نجبرهم أيضاً على العودة، والدليل على ذلك ما حصل قبل أسابيع عند عودة مئات السوريين إلى عسال الورد في القلمون».ورفض المرعبي القول إن «لهجة تيار المستقبل» قد تبدّلت تجاه السوريين بعدما كان يعتبر «الحاضنة الشعبية والسياسية» لهم، قائلاً: «كنا أول من استقبل اللاجئين في مناطقنا ومنازلنا بهدف إنساني وليس سياسياً ولا نزال نرفض إرسالهم إلى الموت، إنما علينا أن نكون واقعيين بعدما استهلكت منا هذه القضية الكثير لسنوات عدة»، موضحاً: «معظم المناطق التي استقبلت لاجئين هي مِن الأكثر حرمانا في لبنان وكان أهلها يعانون من مشكلات اجتماعية ومن قلة دعم الدولة لهم، وقد زاد اللجوء معاناتهم في ظل بخل المنظمات الدولية وعدم تقديمها المساعدات الكافية للنازحين وامتداد الأزمة لسنوات».وفي حين يؤكد أن الوزارات المعنية تعمل كلّ وفق إمكاناتها يشير كذلك «إلى غياب التعاون المطلوب فيما بينها في قضية اللاجئين وهو الأمر الذي يفاقم المشكلة، علما بأنه لا يصل إليها من المساعدات الدولية إلا القليل الذي لا يكفي الحاجة ويرسل الجزء الأكبر والأساسي منها إلى المنظمات الإنسانية».ويعطي المرعبي مثالاً على المناطق التي استقبلت لاجئين، أبرزها عرسال في البقاع وعكار في الشمال حيث يعيش في الأولى من النازحين السوريين أربعة أضعاف أبناء المنطقة، وفي الثانية نحو ثلاثة أضعاف السكان الأصليين الذين هم في الأساس يعيشون من دون مياه الشرب لأكثر من 90 في المائة من المنازل، مشيراً إلى أن في عكار حيث بات يعيش 650 ألف نسمة هناك مستشفى حكومي واحد فقط، مضيفاً: «ومع النزوح السوري الذي دخل عامه السادس تفاقم الوضع بشكل كارثي».
مشاركة :