إعداد:عبير حسين هي من المدن النادرة ذات السحر الخاص الذي يسيطر على من يزورها لتصبح العودة إليها حلماً يراود كل من قصدها. هي عاصمة الفن والجمال والمتاحف، تغنى بها أمير الشعراء أحمد شوقي في عدة قصائد، وأرخ لها كبار الروائيين العالميين في أحداث رواياتهم الكبرى التي وقعت أحداثها وسط شوارعها المتعرجة ومبانيها الحجرية الكلاسيكية وأحيائها الضيقة وعمارتها القوطية. وهي منارة للعلوم والفنون منذ تأسيسها في مثل هذا اليوم من العام 951. هي باريس مدينة «الجن والملائكة» بحسب وصف طه حسين عميد الأدب العربي، والوجهة السياحية الأولى في العالم بعدد زوار يتجاوز 30 مليون سائح سنوياً، وهي خامس أكبر مدينة في العالم بحسب الناتج المحلي الإجمالي الذي يتجاوز 670 مليار يورو سنوياً ولو كانت دولة مستقلة لكانت في قائمة أقوى 15 اقتصاداً عالميًا. تشتهر باريس بعدد من الألقاب، إلا أن أشهرها «مدينة النور» وهو اللقب الذي حصلت عليه لشهرتها كمركز للعلم والفكر خلال عصر التنوير بسبب اعتمادها في وقت مبكر قبل كل المدن الأوروبية على نظام إضاءة الشوارع.تمتد معالم باريس على ضفاف نهر السين. كانت منذ تأسيسها قبل أكثر من ألفي عام منطقة فائقة الأهمية حتى أصبحت منذ القرن ال12 واحدة من أهم مدن العالم الغربي. وكانت مسرحاً للعديد من الأحداث السياسية الهامة التي رسمت معالم القوى الأوروبية طوال القرون الوسطى والحديثة، وأصبحت واحدة من أهم القوى السياسية العالمية منذ اندلاع الثورة الفرنسية 1792.لقرون عديدة، اجتذبت باريس الفنانين من جميع أنحاء العالم، الذين قدموا إلى المدينة لتثقيف أنفسهم وللاستفادة من صالات العرض المتوفرة فيها. نتيجة لذلك، اكتسبت المدينة سمعة عالمية وأضحت تسمى مدينة الفن. وكان للفنانين الإيطاليين أثر عميق في تطوير الفنون في باريس خلال القرنين 16 و17، خصوصاً في مجال النحت والنقوش. وبات الرسم والنحت فخر الملكية الفرنسية إذ كلفت العائلة المالكة العديد من الفنانين الباريسيين لتزيين قصورهم خلال عصر الباروك الفرنسي. وفي عام 1648، تم تأسيس أكاديمية الرسم والنحت من أجل استيعاب الكم الهائل من الأعمال الفنية في العاصمة الفرنسية. كان للثورة الفرنسية والتغيرات السياسية والاجتماعية التي حلت بفرنسا أثر عميق على الفن في العاصمة الفرنسية. وكانت باريس مركزاً لتطور الرومانسية في الفن بالاستعانة برسامين أمثال جيريكو. كما تطورت الانطباعية، والتعبيرية، والتكعيبية في باريس. وفي أواخر القرن التاسع عشر، توافد العديد من الفنانين من جميع أنحاء العالم إلى باريس من أجل عرض أعمالهم في معارضها باحثين عن النجاح والشهرة منهم: بابلو بيكاسو، و هنري ماتيس، وفنسنت فان كوخ، وبول سيزان، وهنري روسو وغيرهم. انتهى العصر الذهبي للفن في باريس بحلول الحرب العالمية الثانية، لكن بقيت المدينة مركزاً هاماً للفنون في العالم.تمتلك باريس مجموعة متنوعة من المتاحف والمسارح والمعالم الأثرية التي بنيت على مر القرون، وأهمها كاتدرائية نوتردام و برج إيفل وقوس النصر ومتحف اللوفر وقصر فرساي. يشتهر مطبخ المدينة بسمعة عالمية، حيث يستقطب أشهر الطهاة على مستوى العالم. كما تضم المدينة وضواحيها أرقى المدارس والجامعات الفرنسية، إضافة إلى مقار أكبر الصحف الفرنسية مثل لوموند، ولو فيجارو، وليبراسيون، إضافة إلى وكالة الأنباء الفرنسية أقدم وكالات الأنباء العالمية وأكثرها شهرة وانتشاراً.
مشاركة :