كان العالم يراقب باهتمام كبير وقائع الاجتماع الذي شهدته قمة العشرين في هامبورج الألمانية أمس بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، باعتبار أنها القمة الأولى ، كما أن عددا من الملفات المهمة كانت مطروحة للنقاش ، وقد طال الاجتماع أكثر مما كان مقررا ، والإعلام الذي احتشد خارج القاعة في الخارج يستغرب ويتحسس أي خبر أو تسريب ، وكان الملف السوري على رأس تلك الملفات المهمة والحساسة . وزير الخارجية الأمريكي خرج بعد الاجتماع لكي يعلن أمام الصحفيين أمرين مهمين ، الأول هو اتفاق القوتين العظميين ، أمريكا وروسيا ، للمرة الأولى ، على فرض مناطق آمنة في جنوب سوريا ، في مناطق تصل من الحدود الأردنية إلى قرب العاصمة دمشق ، يفرض فيها وقف لإطلاق النار ، كما يفرض فيها حظر الطيران الحربي ، الأمر الآخر هو إعلان وزير الخارجية الأمريكي تليرسون أن بشار الأسد أو أيا من أفراد عائلته لن يكون لهم أي وجود في التسوية السياسية المقبلة في سوريا . القرار أهم من التصريح بطبيعة الحال ، وإن كان التصريح الذي يصدر بعد اجتماع القوتين الأهم ، وبحضور روسيا التي تمثل عمود الخيمة في نظام بشار والحماية الأساسية له ، ويقول بأن بشار وعائلته انتهى دورهم في مستقبل سوريا ، وأن المسألة مسألة وقت لتسوية بعض الملفات والأوضاع على الأرض بما يضمن عدم قدرة التنظيمات المتطرفة والإرهابية من القفز على السلطة في دمشق ، هذا التصريح يحمل ضمنيا صيغة الاتفاق بين الروس والأمريكان ، وعندما يقرر الروس والأمريكان فإن هذا يعني ـ عمليا ـ القرار الدولي بجناحيه الأهم في العالم ، ويمكن القول الآن بأن العالم قرر طي صفحة بشار الأسد وعائلته ومحوها من مستقبل سوريا وشعبها . قرار فرض منطقة الحماية الآمنة في جنوب سوريا ، اتخذه بوتين بالاتفاق مع ترامب ، فقط لا غير ، وهذا يعني ـ ببساطة ـ أن العالم قرر سحب الشرعية ـ عمليا ـ من بشار الأسد ، وأنه اعتبره غير موجود سياديا من الآن فصاعدا ، وأن السيادة على الأرض السورية انتقلت من بشار وعصابته وعائلته إلى القرار الدولي برعاية أمريكا وروسيا ، وأعتقد أن خطوة المنطقة الآمنة في الجنوب والتي سيتم تطبيقها ابتداء من غد الأحد ، سيتم تعميمها على أربعة مناطق أخرى كبيرة في شمال وغرب سوريا ، وهو ما يؤكد أن قرار طي صفحة بشار الأسد هو بلا رجوع . بشار الأسد أصبح نموذجا للطاغية الوحشي الذي لا يتورع عن قتل ملايين من شعبه وتدمير العشرات من مدنه وتهجير نصف مواطنيه في شتات الأرض ، ويستجلب الميليشيات والعصابات الإرهابي من كل مكان ، من أجل أن يبقى على كرسي الحكم هو وعائلته ، ليس ذلك فحسب ، بل أصبح المصنع الأول لإنتاج الإرهاب بمختلف صيغه ، والذي روع العالم كله بعد ذلك ، ولا يوجد عملية إرهابية حدثت طوال الأعوام الماضية إلا وكان قرار تنفيذها صادر من مدينة سورية ، وبدعم من منظمات إرهابية موجودة في سورية ، فالفوضى والكراهية والعنف الدموي الذي استخدمه أو فجره بشار في تلك البقعة من الأرض جعل زخات الدم تلطخ أكثر من مدينة عالمية ، وكان من المحال أن يبقى هذا الطاغية المجرم على رأس السلطة في بلاده بعد كل ما جرى ، وكل ما حدث ، بقاؤه كان يعني ضربا من الجنون ، كما يعني أن العالم سيواجه المزيد من الدم والإرهاب ، باعتبار أن وجود بشار وجرائمه كان هو المصنع والمناخ الذي تولدت فيه كل خلايا الإرهاب وتمددت ، فإذا كان العالم جادا في سحق الإرهاب وتجفيف منابعه فإن الخطوة الأهم هي إنهاء حكم هذا الطاغية وطي صفحته ، ويبدو أن هذا ما انتهى العالم إليه مؤخرا ، وأصبح زوال حكم الدم والتعذيب والاغتيال والإرهاب في دمشق مسألة وقت . —————————————————————- جمال سلطان المصريون
مشاركة :