أكد سعادة سالم بن مبارك آل شافي، سفير دولة قطر لدى تركيا في حوار مع «العرب»، أن أي تهديد بإجراءات عقابية جديدة ضد قطر هو بمثابة تصعيد مرفوض وغير مبرّر، وأن التهديد بتجميد عضوية قطر بمجلس التعاون الخليجي يؤدي للإضرار بآخر منظومة إقليمية، وربما انهيارها. واتهم سعادته دول الحصار بالتهرب من الحوار والتفاوض بمحاولة التصعيد ونسف محاولات حل الأزمة، لافتاً إلى أن قطر نجحت في وضع النقاط على الحروف، وكسب المعركة الدبلوماسية، والجميع يشهد لها بالأداء المسؤول والشفاف، وضبط النفس منعاً للتصعيد.وقال إن اجتماع وزراء خارجية دول الحصار بالقاهرة جاء مصاحباً لأداء ركيك أعقبته تناقضات في التصريحات والأفعال، مشدّداً على أن عجز الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) عن إثبات أي شيء من مزاعمها وعدم تقديم أي دليل ملموس على اتهاماتها.. وتفاصيل أخرى، تطالعونها في نص الحوار التالي.. ما قراءتكم سعادة السفير لبيان القاهرة الذي خرجت به دول الحصار؟ - ما يهمنا في هذا المجال هو أن يكون موقفنا كدولة قطر صحيحاً أمام المجتمع الدولي والدول الفاعلة فيه، بمعزل عمّا تدّعيه دول محور الحصار. أعتقد أنّنا بفضل جهود سعادة وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الاستثنائية، نجحنا في وضع النقاط على الحروف، وفي كسب المعركة الدبلوماسية، والجميع يشهد لدولة قطر بالأداء المسؤول والشفاف، وكذلك بضبط النفس منعاً للتصعيد، وبما يساهم في الوصول إلى حل حقيقي ومستدام لهذه الأزمة المفتعلة. أمّا بالنسبة لبيان القاهرة، فأعتقد أنّ هذا البيان يعبّر بشكل دقيق عن أزمة دول الحصار، وكما شاهد الجميع فهو جاء مصاحباً لأداء ركيك أعقبته تناقضات على مستوى التصريحات والأفعال فيما يتعلق بالاجتماع نفسه، وكذلك فيما يتعلق بالمؤتمر الصحفي والبيان الذي تمّ إصداره لاحقاً. لكن مع هذا، نأمل دوماً أن تسود لغة العقل والمنطق والحوار، وكما شدّد سعادة وزير الخارجية فإن قطر منفتحة دوماً على الحوار والتفاوض بما لا يتناقض مع قواعد القانون الدولي واحترام سيادة الدول بطبيعة الحال. لماذا لم تخرج دول الحصار بإجراءات عقابية ضد قطر كما ظلت تتوعد طيلة 12 يوماً، برأيكم؟ - العقاب يكون لمن ارتكب خطأً، وذلك بعد استنفاذ كل الوسائل والطرق المتعارف عليها. دولة قطر لم ترتكب أي خطأ، وموقفها سليم تماماً. دول الحصار لم تستطع إثبات أي شيء من مزاعمها ولم تقم بتقديم أي دليل ملموس على رواياتها واتهاماتها، سواء لنا كجهة معنيّة بالأمر، أو للوسيط الكويتي أو للدول الكبرى، لذلك قلنا إنّ إجراءات دول الحصار ضدّنا هي إجراءات غير قانونية، وأي تهديد جديد بإجراءات عقابية ضد قطر أمر مرفوض في جميع الأحوال، وهو تصعيد إضافي غير مبرّر، ويؤكّد ما يلاحظه الجميع حول الكيفية التي يتهرّب بها الطرف الآخر من الحوار والتفاوض ونسف محاولات حل الأزمة. دول الحصار تتعهد بعدم العودة للعلاقات مع قطر، هل تتوقعون تجميد عضوية قطر بمجلس التعاون؟ طبعاً، قيل الكثير من الكلام، فمنهم من هدد بالتجميد ومنهم من هدد بالطرد، وكل هذه الخطوات غير المسؤولة من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بآخر منظومة عمل إقليمية، وربما تؤدي إلى انهيارها. نحن حريصون دوماً على ألا يحصل ذلك، ولهذا نحن انتقدنا منذ البداية تجاهل دول الحصار التي تنتمي إلى مجلس التعاون لكل أصول وقواعد وآليات عمل مجلس التعاون التي تتيح حل الخلافات بين الدول، والتي تتطلب أيضاً الأخذ بآراء جميع أعضاء المجلس قبل القيام بأية إجراءات. يقولون إنّهم يحترمون مجلس التعاون لكنّهم يقوّضونه بشكل مستمر من خلال هذه الأزمة، ويصرون على تجاوز القوانين والمواد ذات الصلة التي ينص عليها ميثاق المجلس، وكما رأيتم يدخلون دولاً من خارج المجلس. يُقال لنا وللدول الصديقة إنّ الموضوع خليجي- خليجي، ثم نراهم يعقدون اجتماعهم في دولة غير خليجية لكي يصدروا بيانهم منها. كيف تنظر تركيا إلى التطورات الأخيرة للأزمة الراهنة، وموقف السلطات الرسمية من الأزمة؟ - موقف السلطات الرسمية في تركيا موقف واضح ومسؤول منذ اللحظة الأولى ويشكرون عليه حقاً. المسؤولون الأتراك يرون أنّ المنطقة لا تتحمل أي أزمة جديدة، وأن هناك ما يكفي من حرائق مشتعلة ومن التحديات المتراكمة، وأن هذا يتطلب عملاً جماعياً وتعاوناً تفرضه العلاقات الأخوية والجغرافيا والتاريخ والمصالح المشتركة، ولا يوجد رابح في أي أزمة جديدة. ومن هذا المنطلق، هم يشددون دوماً على ضرورة حل الخلاف من خلال الحوار والمفاوضات، وعبّروا بشكل دائم كذلك عن دعمهم لجهود دولة الكويت الشقيقة في الوساطة، وقاموا بمبادرات ذاتية للمساهمة في حل الأزمة، اصطدمت بالأسلوب المتعنّت الذي نراه اليوم والرافض لمبدأ التفاوض والساعي إلى التصعيد وإلى تعميق الأزمة. طبعاً هناك موجبات ومسؤوليات على عاتق أنقرة بحكم العلاقات الاستراتيجية بين بلدينا، كما هو الأمر بالنسبة لنا تجاههم. لقد أوفى الجانب التركي بالتزاماته الثنائية معنا، ولم تمنعه الدعوة إلى الحوار والتفاوض من رفض الإجراءات غير القانونية وغير الإنسانية المفروضة على بلداننا كما فعلت معظم دول العالم. قراءتكم للانتقادات التي توجهها دول الحصار لتركيا، بدعوى تدخلها في الشؤون الداخلية لدول الخليج؟ - كما تعلمون، فانّ مجلس التعاون الخليجي يقوم بتطوير علاقاته بشكل متسارع مع تركيا منذ أكثر من عقد من الزمن. في العام 2008 أصبحت تركيا الشريك الاستراتيجي الأول لدول المجلس، وتمّ توقيع اتفاقية بهذا الشأن في مدينة جدّة في المملكة العربية السعودية تحديداً، ولذلك فإننا نستغرب الانتقادات التي توجّه إلى الجانب التركي تحت ذرائع ومسوّغات وعناوين مختلفة. من الواضح أن الهدف من هذه الانتقادات هو محاولة عرقلة التزام تركيا باتفاقاتها الثنائية معنا، لكنّنا ماضون في علاقاتنا الاستراتيجية الثنائية ولا أعتقد أنّ مثل هذه الانتقادات أو الدعاوى قادرة على أن تؤثر سلباً على تعاوننا. نحن نثمّن حقيقة حرص تركيا على أمن واستقرار منطقة الخليج؛ فهو هدف مشترك لنا جميعاً، وكذلك سعيها لأن تكون على تواصل دائم وفعّال مع جميع الأطراف في سياق ما تمليه علاقاتها الثنائية والجماعية، ونرى أن مثل هذه العلاقات التي تربطها بدول مجلس التعاون هي أمر حيوي في غاية الأهمّية وتمليه متطلبات الأخوة والضرورة والمصالح المشتركة، لذلك نحن نشجع عليها دوماً لما فيه مصلحتنا جميعاً وأمن الخليج العربي والمنطقة عموماً. قطر ترفض بشدة التجاوب مع المطالب، ودول الحصار تصر عليها، هل سنشهد مستقبلاً تخفيفاً من حدة المواقف لدى الطرفين، ومراجعة لقائمة المطالب؟ - لم يسبق أن عبّرت دولة قطر أو المسؤولين في دولة قطر عن أي حدّة في المواقف أو عن عدم تجاوب مع المبادرات، وإنما العكس تماماً. الكثير من الدول الكبرى والفاعلة في المجتمع الدولي أشادوا بعقلانية الموقف القطري وبعدم الانجرار وراء حملات التجريح أو الاستفزاز أو التصعيد التي يمارسها الطرف الآخر بحقنا. ما رفضته دولة قطر والمسؤولون هو الإملاءات التي تريد أن تفرض وصاية علينا، وأن تسلبنا السيادة، وهذا أمر لا يمكن أن تقبله أي دولة مستقلة ذات سيادة. نحن نتمنى، كما أشار الجانب الأميركي، أن تكون هناك مطالب عقلانية وقابلة للتحقق، وأن يتم قبلها تقديم أدلة وإثباتات على أي ادعاءات بشأن قطر، عندها، فإن قطر مستعدة للحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، كما عبّر عن ذلك المسؤولون مراراً.;
مشاركة :