تبقى الصكوك الإسلامية «المُنتج المالي الأكثر أمناً ومرونة من بين كل المنتجات الأخرى» وفقاً للمدير التنفيذي لـ «مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي» بدالله محمد العور، خصوصاً «في ما يتعلق بحقوق حاملي الصكوك أو الجهة التي أصدرتها». إذ أكد أن حماية الحق في التشريع الإسلامي «قاعدة ثابتة لا يجوز مسّها». ويندرج هذا التأكيد في إطار الإجابة عن تساؤلات يمكن أن تُثار حول هذه الصكوك نتيجة حصول أي تقلّبات في هذا المجال، «والنقاش عن مدى تأثير ذلك على ثقة المستثمرين الذين يميلون إلى استخدام الصكوك الإسلامية. إذ رأى العور أن «لا مفر من بروز بعض التحديات التي تفرضها طبيعة العمل وتقلبات الأسواق»، وقال: «لا يجب الحكم المباشر بعدم كفاءة الصكوك بقدر ما تشكل هذه التحديات دعوة إلى استكمال مهمتنا في بناء المنظومة التشريعية والقانونية والمرجعيات المتكاملة، لحماية مسيرة الاقتصاد الإسلامي وأدواته الاستثمارية». ولفت إلى أن الصكوك العالمية «حققت حالة استثنائية من النمو التي شهدها النصف الأول من العام الجاري، وهذا دليل على أن تجربة الصكوك ناجحة، وتواصل احتلال مساحات متزايدة على خريطة الاقتصاد العالمي». وأضاف: «لولا النجاح المبهر للصكوك لما شهدنا هذا التنامي، في وقت يمّر الاقتصاد العالمي في حالة غموض وترقب ومخاوف». وذكر أن وكالة «ستاندرد أند بورز لتصنيف الائتمان، أشارت في تقرير إلى «ارتفاع استثنائي في إصدارات الصكوك على مستوى العالم، وإلى قوة أداء سوق الصكوك في النصف الأول من السنة، إذ زاد إصدارها بنسبة 37.7 في المئة». كما «تزداد باستمرار الثقة العالمية في دبي كمركز مالي متطور في قوانينه وتشريعاته، بدليل أن دبي استحوذت على 85 في المئة من الصكوك العالمية». إذ تحتل دبي «المرتبة الثالثة عالمياً في عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي البالغ 247 العام الماضي. فيما توقعت بيانات «مؤسسة دبي لتنمية الاستثمار» أن يصل حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية في دبي نهاية هذه السنة، إلى 26 بليون درهم بزيادة 5 في المئة عن العام الماضي». وتؤكد ذلك، الثقة العالمية في منظومة دبي القانونية والتنظيمية التي يشكل الاقتصاد الإسلامي جزءاً مهماً منها». وكانت «ستاندرد أند بورز» رجحت أن «تتراوح قيمة الصكوك المصدرة عالمياً بين 75 بليون دولار و80 بليوناً، ما يشير إلى أن الصكوك لا تزال البديل الأمثل لتمويل البرامج والمشاريع السيادية في دول كثيرة، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار ما واجهته الدول من ضغوط الدَين العام، تتجه اليوم نحو الصكوك كمصدر آمن لتمويل العجز الحكومي وتنشيط مشاريع استنهاض اقتصادها الوطني. وعدّلت الوكالة توقعاتها لحجم إصدار الصكوك هذه السنة، إذ بعدما أفادت بأن الحجم العالمي «لن يتجاوز 65 بليون دولار، لم تستبعد أن يصل إلى نحو 80 بليوناً نهاية السنة». يجب أن يأخذ الجدل القائم اليوم حول تأثير مشكلات السوق والاستثمارات على نجاعة الصكوك الإسلامية، في الاعتبار أن الاستثمار عبارة عن عملية دقيقة ومتداخلة من الحسابات المركبة. واعتبر المركز أن متغيرات عالمية ومحلية كثيرة «تطرأ على المؤسسات والشركات العاملة، لكن ذلك لا يعني وجود خلل في الصكوك الإسلامية كمُنتج مــالي واضــح المــعالم وغــير مبهم». وأوضح أن الصكوك عبارة عن «صيغة تمويل تصدرها البنوك الإسلامية أو الدول أو الشركات والمؤسسات المعتمدة، لتمويل مشاريع بصيغ المضاربة والمشاركة في مقابل نسب مرابحة، وتأتي كبديل عن السندات التي تتعامل بالفوائد المصرفية، وهي أدوات قابلة للتداول إلى حين استحقاقها». وذكر أنها «الصيغة الشرعية والقانونية للصكوك، وهي واضحة وثابتة، لذا فإن جدارة الصكوك وحدها من دون جدارة الجهة المصدرة أو كفاءتها الاستثمارية، ومن دون قوة التداول والنمو في الأسواق المرتبطة بالصكوك، لن تكون كافية لتجنب الأخطار». لذا على المستثمرين أن «يختاروا الجهة التي سيتملّكون جزءاً من صكوكها بدقة، وبعد درسة واستشارات معمقة لضمان اختيار صحيح وسليم».
مشاركة :