قطر وثلاثية التآمر ( الملفات السرية – الجزء الثاني )

  • 7/12/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

بحلول الفاتح من العام 1995م ، لم يعد ولي العهد القطري آنذاك حمد بن خليفة يحضى بثقة قادة الدول الخليجية ، كما أنه بدأت تطفو على السطح مطالبات سرية ودعوات انتشرت بين البعض من أبناء البيت الحاكم القطري ترى بأن حمد ليس أهلا لحكم قطر مستقبلا. فعو تتملكه الرعونة ولايجيد تقدير عواقب الأمور وإنه من الأفضل البحث عن بديل جيد لتولي حكم قطر عقب رحيل والده الشيخ خليفة آل ثاني. فكان أن أسر له صديقه ووزير خارجيته لاحقا حمد بن جاسم بن جبر بضرورة التحرك المبكر والعمل على عزل والده وتبوأ سدة الحكم في قطر من أجل المحافظة على حقه في العرش القطري وكذلك لتحقيق حلمهما المتعلق بالتسيد على المنطقة العربية الذي كان يراودهما منذ فترة مبكرة من عمرهما. ولكونهما يعلمان بأن هذه العملية الإنقلابية كانت لن تحضى بالموافقة الأميركية فكيف بالخليجية منها . لذا فقد قررا عقد تفاهم مع الجانب الأميركي تولاه من جانبه حمد بن جاسم يقوم على فكرة التطبيع مع إسرائيل من قبل الجانب القطري في حالة تسلم حمد للسلطة ؛ مقابل عدم التحرك الأميركي عسكريا أو مخابراتيا في حالة إزاحة الأمير الوالد من سدة الحكم القطري. وللتاريخ ؛ فقد كانت عملية اللعب بالورقة الإسرائيلية تمثل ذكاء خارقا تكشفت عنه عقلية حمد بن جاسم. فالجانب الأميركي والإسرائيلي لم يكونا يحلمان بهكذا فرصة أن تقوم دولة خليجية بالتقارب تمهيدا للتطبيع مع إسرائيل. كما أن الإدارة الأميركية كانت تعي بأن هذا الأمر إن تم فسوف يدعو المزيد من دول الخليج لنهج نفس الممارسة و الإتجاه بالتالي نحو التطبيع . وقد أثبت التاريخ صحة هذا الرأي الغربي إذا أن سلطنة عمان لاحقا كانت ثاني إمارة خليجية تسعى للتقارب مع إسرائيل عقب فعل الجانب القطري ذلك. وبالعودة للموقف القطري ؛ فقد تمكن حمد بن خليفة في العام 1995م من الإطاحة بوالده وإعلان نفسه أميرا لقطر. في غضون الأسابيع التالية لفعله هذا ، كان قد جرى التخطيط لمحاولة تبناها بعض أبناء بيت آل ثاني الحاكم في قطر لإزاحة حمد وإعادة والده للسلطة لكن القوات النظامية القطرية تمكنت مبكرا من إفشالها بعد الكشف عنها مبكرا بمساعدة من المخابرات الأميركية C.I.A هذا الأمر قد دعى حمد لإتهام جاراته من دول الخليج وكذلك جمهورية مصر بالوقوف خلف هذا الأمر والضلوع في العملية الهادفة للإطاحة به . في هذه الفترة تقدم مجددا وزير خارجيته حمد بن جاسم ليطرح أمامه مقترح يضمن به بقاءه في السلطه واستقرار حكمه على الأمد البعيد .ويحوي جملة من الخيارات المتمثلة في التالي : – التقارب الفوري مع إسرائيل لضمان أن تحضى قطر بدعم أميركي مطلق. – العمل على إقامة قاعدة أميركية ( قاعدة العديد ) على الأراضي القطرية لضمان الحصول على حماية أميركية في حالة فكر الأمير الأب في استعادة حكمه وحضي بدعم خليجي أو عربي من أجل ذلك. – فتح الأبواب لدولة تمثل ثقلا توعيا وتحمل عداء للمنطقة الخليجية ولإماراتها من أجل الاستعانة بقدراتها في حالة الدخول في خلاف خليجي. ولقد كانت حكومة طهران تمثل الخيار الملائم كونها تختلف مع المملكة في توجهها الثيولوجي الديني وتحتل كذلك جزر إماراتيه وتستطيع كذلك تحريك الشيعة في البحرين والسعودية لضمان خلق إشكاليات داخلية لهاتين الدولتين تشغلهما عن التفكير في قطر وممارساتها. – تأسيس قناة إعلامية بإمكانات تقنية حديثة وجبارة والعمل على تعيين كفاءات إعلامية فيها تتسم بأمرين ؛ المهنية العالية والإستعداد للتآمر. – استضافة قيادات ورموز الجماعات السلفية الجهادية كجماعة الإخوان والعمل على تحريكهم للتواصل مع أعضاءهم في السعودية ومصر وتقديم الدعم لهم ومن ثم التنسيق معهم لخلق قلاقل في هذه الدول وتجنيد المزيد من الأتباع . – التواصل مع بن لادن والظواهري وكافة قيادات الحركية الأصولية في العالم وتقديم الدعم المالي واللوجستي لهم وفتح القنوات الإعلامية المغرضة لهم لضمان تحركهم ضد المصالح السعودية والمصرية وخلق قلاقل لكلتا الدولتين. وهذا تحديدا ماجرى ، فقد تمت لاحقا محاولات عديدة لاغتيال القيادات المصرية لإضهار الحكومة بموقف الضعف أمام الشعب .كما تم استهداف السواح الأجانب في مصر سعيا لضرب مصدر دخل قومي لمصر يتمثل في السياحة وكذلك لإضهار حكومة مبارك أمام الرأي العالم بالعجز عن حماية الأجانب المقيمين على أراضيها. نجد في ذات الوقت والتزامن بأن عمليات القاعدة قد نشطت في الداخل السعودي الذي شهد عمليات إرهابية عديدة سعت لضرب مصالح الدول الغربية في الداخل السعودي من أجل خلق إشكاليات للسعودية مع حلفائها الغربيين تمهيدا لجعلها تقف لوحدها مستقبلا تمهيدا لاسقاطها. كما تم إعادة توزيع و انتشار أعضاء الجماعات الظلامية من إخوان والفرق التي خرجت من عباءتها كالسرورية والتكفير والهجرة وغيرها من التنظيمات الراديكالية والسعي الحثيث لتجنيد المزيد من الأتباع في الداخل السعودي تدين بولائها لأمراء التنظيمات وتعمل بجدية لإسقاط الحكومة السعودية. في ذات الوقت كانت تتم هناك عمليات سرية وممنهجة تهدف لإغراق الأسواق العالمية بالنفط بما يعجل بخلق ضرر للإقتصاد السعودي ، كما تم دفع ملايين الدولارات لمعارضين سعودين ومصريين في أوروبا وتقديم الدعم والتسهيلات اللوجستية لهم من قنوات فضائية وغيرها بغية تشويه سمعة هذا الدول على نطاق واسع وهذا يعد بحق أحد السيناريوهات الخبيثة التي اتبعتها كذلك حكومة حمد بن خليفة في قطر بهدف الإضرار بالسعودية ومصر كي تبقى الساحة العربية متاحة لقطر ليتم إحلالها كدولة تمثل برساميلها الضخمة وعلاقاتها الوثيقة مع الغرب واجهة العالم العربي الموعود. في تلك الفترة وتحديدا في 11 من سبتمبر من العام 2001 ؛ وقع حادث كان له الأثر في تغيير واجهة العالم الحديث. فقد تمكن 19 فردا من ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها وتوجيه ضربة إرهابية لرمزية الاقتصاد والسياسة العالمية على أراضيها. ويشاء القدر أن يكون 15 فردا من هؤلاء الإرهابيين ممن يحملون الجنسية السعودية . في حين كان قائدهم المدعو محمد عطا يحمل الجنسية المصرية. فكان أن رأت قطر في هذه الكارثة الإنسانية ضالتها فسعت لاستغلالها لأبعد مدى. فتحركت قناة الجزيرة الذراع الإعلامي الهائل لقطر لبث سلسلة من التقارير والحلقات التلفيزيونية التي سعت من خلالها لتسليط الضوء على مختلف جوانب العملية وتحديدا ذلك المتعلق بضلوع مواطنين سعوديين في العملية وبأن البعض من هؤلاء الإرهابيين قد حصلوا على دعم مالي من مؤسسات خيرية سعودية ومن شخصيات سعودية نافذة ، في إشارة خبيثة منها لضلوع الحكومة السعودية في هذا التآمر. وللحق فقد نجحت قطر عبر مكينتها الإعلامية الضخمة هذه في تعكير العلاقات السعودية الأميركية وخلق حالة من التحسس وعدم التقارب في الرؤية بين الحكومتين السعودية والأميركية. وهذا الأمر قد جعل من الأحلام القطرية تبدو قريبة المنال لنظام حمد الذي بدأ يعد نفسه ودولته كبديل افتراضي للمملكة في الساحة العربية. لكن متتالية الأيام والدور الناجح الذي لعبته الخارجية السعودية إبان وزارة سعود الفيصل لها قد قطع الأحلام أمام نظام حمد المتآمر ورمى بأحلامه في مهب الريح.

مشاركة :