رام الله (الاراضي الفلسطينية) - حذرت مؤسسات حقوقية فلسطينية من أزمة في المجتمع الفلسطيني في حال التعرض لحقوق معتقلين فلسطينيين لدى اسرائيل وخصوصا اذا رضخت السلطة الفلسطينية للضغوط الدولية وأوقفت مخصصات أسرى وعائلاتهم. ويتعرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لضغوط أميركية واسرائيلية لوقف هذه المخصصات وهو ما يرفضه الرأي العام الفلسطيني ويعتبره استهدافا لمسيرة "النضال الفلسطيني" في سبيل اقامة الدولة المنشودة. وتدفع السلطة الفلسطينية شهريا 400 دولار لعائلة المعتقل الذي يقضي عقوبة تقل عن ثلاث سنوات، و1200 دولار للمعتقل الذي تتراوح عقوبته ما بين ثلاث سنوات وخمس. ويرتفع الراتب مع ارتفاع مدة الحكم بحيث يصل الى 2200 دولار لمن يحكم بفترة سجن ما بين 18-20 عاما. ويقول المسؤولون الاسرائيليون ان هذه المخصصات للعائلات تؤدي الى تشجيع العنف، فيما يؤكد الفلسطينيون ان هذه المساعدات حيوية للعائلات وتعتبر بادرة دعم رمزية. وبحسب استطلاع للرأي اجري في الاونة الاخيرة فان 91% من الفلسطينيين يعارضون وقف هذه المخصصات. وقال مدير مؤسسة "الحق" شعوان جبارين انه "في حال استمرار التعرض لحقوق الاسرى المعتقلين في السجون الاسرائيلية فان هذا سيخلق أزمة حقيقية في المجتمع الفلسطيني وقد تؤدي الى الانفجار". واشار جبارين الى أهمية الاسير الفلسطيني بالنسبة للمجتمع الفلسطيني قائلا "الاسير الفلسطيني لا زال يحظى برمزية جيدة لدى المجتمع الفلسطيني". من جهته، قال حلمي الاعرج مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية " ان المس بحقوق الاسرى وعائلاتهم انما هو استهداف للنضال الفلسطيني ولحركة المقاومة الفلسطينية جميعها وهو ما يجب ان يتم رفضه". وتحتجز اسرائيل حوالى 6500 معتقل فلسطيني وتدفع لهم السلطة الفلسطينية رواتب استنادا الى قانون الاسرى والمحررين الذي أقره المجلس التشريعي الفلسطيني في العام 2004. ونص قانون الاسرى ايضا على "تأمين الوظائف للاسرى والمحررين وفقا لمعايير تأخذ بعين الاعتبار السنوات التي امضاها الاسير في السجن". وجاء في القانون ان "الاسرى والمحررين شريحة مناضلة وجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع العربي الفلسطيني وتكفل احكام هذا القانون حياة كريمة لهم ولاسرهم". وأفادت مصادر مطلعة لوكالة بانه تم وقف رواتب نحو 277 اسيرا فلسطينيا من ضمنهم أسرى محررين اعتبارا من حزيران/يونيو. ولم يتسن الحصول على توضيح من قبل السلطة الفلسطينية. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو دعا في الاونة الاخيرة بعد عملية طعن شرطية اسرائيلية أدت الى وفاتها، "العالم الى ادانة القتل ومطالبة السلطة الفلسطينية بالكف فورا عن دفع المخصصات المالية لاسر" المعتقلين الفلسطينيين معتبرا ان المضي في ذلك "يشجع الارهاب". لا توضيح تعتبر قضية الاسرى الفلسطينيين من بين القضايا التي اعاقت استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي المجمدة منذ العام 2010. وأثارت اسرائيل عدة مرات مسألة تمويل السلطة الفلسطينية للمعتقلين الفلسطينيين. وأقر الكنيست في قراءة أولى مشروع قانون يقضي بان تخصم اسرائيل ما تدفعه السلطة الفلسطينية للمعتقلين من المستحقات الضريبية التي تجبيها اسرائيل لصالح السلطة التي وصفت ذلك ب" القرصنة". وقال جبارين "هناك ضغط سياسي اميركي واسرائيلي على السلطة الفلسطينية لوقف تمجيد الشهيد والاسير، بمعنى انه يتم استهداف الوعي الفلسطيني" مضيفا "لكن كافة المعايير الدولية لحقوق الانسان نصت على ضرورة توفير حياة كريمة لعائلات" الاسرى. بدوره أكد حلمي الاعرج هذه الضغوط "لقطع رواتب وحقوق الاسرى وعائلاتهم" معتبرا ان تنفيذها "انما يعني المس بالنضال الوطني الفلسطيني ووصمه بالارهاب". واعتبر هذه الضغوط بمثابة "ابتزاز في ملف الاسرى من قبل دولة الاحتلال، ويجب ان تكون مرفوضة". من جهتها قالت ايمان نافع زوجة القيادي في حركة حماس نائل البرغوثي المعتقل لدى اسرائيل ان السلطة الفلسطينية أوقفت صرف راتب زوجها بداية الشهر الجاري، دون اي توضيح من احد. وخلال اعتصام لعائلات شملها القرار امام هيئة شؤون الاسرى الفلسطينية الشهر الماضي، انتقل بعدها الى مجلس الوزراء، قالت ايمان لوكالة ان "الاسرى المحررين خرجوا من المعتقلات الاسرائيلية وهم دون عمل يوفر لهم لقمة العيش، وقطع الراتب عنهم اليوم لا يتلاءم مع أبسط المستويات الاخلاقية". وحملت ايمان لافتة كتب عليها "راتب الاسير حق انساني اخلاقي وليس منة من احد". واطلق سراح زوجها نائل البرغوثي في الصفقة التي ابرمتها اسرائيل مع حركة حماس في العام 2011، وكان امضى 34 عاما من حكم بالسجن المؤبد و18 عاما. من جهته قال ياسر حجاز الذي امضى 21 عاما في السجون الاسرائيلية واطلق سراحه في 2011 "فوجئنا بوقف رواتبنا دون ان يوضح لنا احد ما هي الاسباب". وخلص المحلل والكاتب السياسي عبدالمجيد سوليم الى القول انه لا يتوقع ان تكون السلطة الفلسطينية استجابت للضغوط الاسرائيلية والاميركية في ملف الاسرى. وقال "مسألة الاسرى وحقوقهم كانت محسومة خلال نقاشات كافة القوى والاطر الفلسطينية بمختلف مشاربها السياسية منذ بداية اتفاقية السلام بانه لا يمكن التلاعب بهذه المسألة". وأضاف "لا اعتقد انه من الممكن ان تاخذ السلطة الفلسطينية قرارا بهذا الملف استنادا الى ضغوط اميركية واسرائيلية".
مشاركة :