تونس - برزت في الأيام الماضية بوادر احتقان مجتمعي في تونس، وذلك بعد أن شهدت ولاية (محافظة) القصرين احتجاجات وتعثر المفاوضات بين الحكومة ومعتصمي الكامور جنوب البلاد. وتعثر نسق المفاوضات بين وفد حكومي ممثل لعدد من الوزارات وممثلين عن تنسيقية الكامور الذين يعطلون إنتاج البترول منذ فترة. ونقلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء عن رئيس الوفد الحكومي المفاوض، منصف عاشور، تشديده على أن مرد توقف المفاوضات خلاف بشأن تشغيل 1500 شخص في الشركات البترولية العاملة في الصحراء، مؤكدا أن توقف المفاوضات جاء “رغم التقدم الكبير الذي عرفته بشهادة أعضاء الوفد الممثل للجهة، لأنه تم النجاح بنسبة 80 بالمئة في التوافق حول ملفات شركة البيئة والغراسات والبستنة، وشركة الخدمات للجنوب، وخاصة صندوق التنمية والاستثمار، ورصد 80 مليون دينار‘‘. وأضاف عاشور “لقد أردنا القطع مع الممارسات السابقة، من وعود زائفة وحلول ترقيعية، وحرصنا على تنفيذ كل ما نتفق حوله في آجاله، إلا أن الطرف المقابل وضع مطالب ذات سقف عال وغير واقعية، لأنه لا يمكن امتصاص البطالة دون إستراتيجية وبرامج واستثمارات واختصار حلولها في هذا الاتفاق”. والأربعاء عاد الهدوء مجددا إلى مدينة سبيطلة من ولاية القصرين، بعد يوم من الاحتجاجات التي تواصلت إلي ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء. وشهدت المدينة مواجهات بين الأمن وعدد من المحتجين، على خلفية وفاة مواطن تحت أنقاض كشك ابنه بعد تنفيذ قرار هدم للبناية وهو نائم داخلها. ويرى مراقبون أن الاحتقان الاجتماعي المسجل ينذر بتوسع دائرة الاحتجاجات في الوقت الذي تحاول فيه حكومة هشام المشيشي إيجاد حلول للأزمات الموروثة عن الحكومات السابقة، لكن هذه المحاولات تصطدم بعقبات أخرى تصعّب مهمتها في النهوض بالاقتصاد الهش. وقال الناشط الحقوقي منصف خبير إنه “في ظل عدم وجود حزام سياسي للحكومة ستصطدم بعدة مطبات، اليوم هناك احتجاجات بالكامور وأخرى في سبيطلة، و(هناك أيضا) قانون زجر الاعتداء على الأمنيين الذي أثار جدلا واسعا”. وأضاف خبير في تصريح لـ”العرب” “حكومة المشيشي مرتبكة والواضح أنها فاقدة للسند السياسي.. ما نراه اليوم هو من تداعيات الصراع بين مؤسستي الرئاسة والحكومة”. وتساءل “ما الداعي إلى إقالة الوالي (المحافظ) والمعتمد (المسؤول المحلي) في القصرين وعدد من الإطارات الأمنية والحال أن الخطأ قام به المجلس البلدي.. الحكومة سارعت إلى إخماد الاحتجاجات وهذا دليل على الارتباك الذي تعيشه”. وتابع “المشيشي كان وزيرا للداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ المستقيلة وأمطر ولاية تطاوين بوابل من القنابل المسيلة للدموع، ما يقارب 18 ألف قنبلة مسيلة للدموع، نراه اليوم يدعو إلى التهدئة في الكامور، (…) هناك ما يمهد لعودة الاحتجاجات لأن التهدئة لم ترفق بقرارات وإجراءات جذرية”. وأشار إلى أن “الاحتجاجات موسمية في تونس خصوصا بين شهري سبتمبر وفبراير. وحكومة المشيشي في امتحان صعب؛ فكيف ستخرج من عنق الزجاجة؟”.
مشاركة :