القاهرة – خالد بطراوي | كم من مواقف تشهدها الأعمال السينمائية، خلال وبعد تصويرها، تظل عالقة في وجدان أبطالها لما لها من ذكريات، ربما لا يعرف المشاهد الكثير عنها، الصورة تبقى دليلا حيا على الموقف.. نقدمها مع قصة الحدث ليخرج في «حكاية زمان يا فن». كما كانت تقفز وهي تلعب الأكروبات، وتمشي على الحبل بمهارة فائقة وهي تقدم استعراضاتها في سيرك عاكف، قفزت نعيمة عاكف بمهارة أيضاً إلى عالم الأضواء والشهرة والبريق ونجومية السينما. ولأنها كانت خليطا فريدا من المهارات الغنائية والتمثيلية والاستعراضية، يندر أن يتكرر، فقد استطاعت عندما لاحت لها الفرصة على يد المخرج حسين فوزي الذي قدمها في أول أفلامه «العيش والملح» عام 1949 أن تعتلي حبل النجاح وتسير عليه بمهارة، وأن تبلغ قمة الفن، بل وأن تناطح، وهي الوجه الجديد الذي يظهر لأول مرة، نجمة بحجم السندريلا ليلى مراد في أوج تألقها، بينما لم يستطع فيلم ليلى مراد ويوسف وهبي «شادية الوادي» أن يحقق سوى مئات الجنيهات. ◗ في مواجهة ليلى مراد وخلافاً لكل التوقعات، كانت نعيمة عاكف هي التي نجحت وتألقت ولمعت، وأصبحت النجمة الشعبية الأولى في مصر، وكذلك أصبحت شركة نحاس التي رفضت إنتاج الفيلم في البداية، تشترط لكي تبيع نسخة منه لأي بلد عربي أن يباع معه فيلم «شادية الوادي»، وأصبحت نعيمة عاكف نجمة الشاشة الأولى صاحبة الاسم الذي يجتذب إلى شباك التذاكر الآف الجماهير عند ظهورها على إعلان أي فيلم جديد يعرض في أي دار عرض، لدرجة أنها أصبحت مدرسة قائمة بذاتها في فن الاستعراض، وقد وقفت أمام أشهر نجوم مصر، وعملت مع أكبر مخرجيها. ولعله من الطريف أيضاً أن نعرف أن قصة فيلم «شادية الوادي» هي نفس قصة فيلم «جوهرة» الذي أخرجه يوسف وهبي وقدم فيه لأول مرة المطربة اللبنانية نور الهدى عام 1943، مع فارق وحيد هو أن فيلم «جوهرة» عرض القصة بشكل ضاحك مرح، بينما عرضها فيلم «شادية الوادي» بشكل مليو درامي عنيف، والقصة على العمـوم مقتبسة من «بيغاميليون». ◗ كاميليا تتحدى نعيمة ومن أطرف الحكايات التي تروى أنه في عام 1949 جمع المخرج حسين فوزى زوجته نعيمة عاكف والنجمة كاميليا في فيلم بالألوان الطبيعية هو «بابا عريس» ولم تتفق النجمتان إطلاقا، وإنما قامت بينهما منافسة وغيرة شديدتان، وحاولت كاميليا بشتى الطرق أن تقلل من شأن نجومية نعيمة عاكف وفشلت، فما كان منها إلا أن استقدمت معها إلى الاستديو خادمة سوداء أطلقت عليها اسم «نعيمة»، وكانت كاميليا تجلس وسط الاستديو وتنادي خادمتها بأعلى صوتها «يا نعيمة لبسيني الجزمة»، أو «انت فين يا بنت الـ .. يا نعيمة جتك نيلة»، وكان تعقب ذلك بالطبع وصلة شتائم وسباب لا حدود لها، ولم تحتمل نعيمة عاكف هذا الوضع طويلا، ونشبت بينهما معركة نسائية انتهت بعلقة ساخنة وكدمات ورضوض لكاميليا، أثبتت فيها نعيمة عاكف أنها بطلة ملاكمة أيضاً. ◗ النهاية الحزينة ولعل أحداً لا يعرف أنه لحظة خروج جثمان الفنانة نعيمة عاكف من مسكنها بشارع أبو الفدا بالزمالك في 23 أبريل عام 1966، خرجت أم كلثوم من شرفة فيللتها وهي ترتدي ملابسها السوداء وفي يدها منديل وعلى عينيها الدموع وهي تلوح لجثمان نعيمة عاكف، الذي تتقدمه الأوسمة والنياشين التي حصلت عليها من الرؤساء والملوك. فقد رحلت في ريعان شبابها، وهي لم تزل ابنة 39 عاماً، ولكنها لا تزال تعيش في قلوب جماهير وعشاق فنها إلى يومنا هذا.
مشاركة :