هناك إشكالية عند الكثير في فهم الفارق بين مفهوم (الانتماء) للوطن ومفهوم (الولاء) له، والواقع أن المفهومين متداخلان إلى حد يصعب معه التفريق بينهما، وبعيداً عن التعريفات اللغوية فمعلوم أن الانتماء يأتي فطريا طبيعيا منذ ولادة الإنسان، فالفرد يرتبط بالمكان الذي يمنحه الهوية، وطالما افتخر واعتز به كشعور يقتضيه انتماؤه، بينما (الولاء) يأتي مكملا للانتماء، وهو عملية مكتسبة، فولاء الفرد يتشكل خلال فترة مراحل عمره الأولى، فالبيت والمدرسة والمنبر ومؤسسات المجتمع الأخرى من حوله تشترك في تأسيس الولاء وتقويته في نفس وعقل الفرد، حتى إذا اشتد عوده امتزج انتماؤه بولائه، وشعر أنه جزء من محيطه وعضو مهم فيه، فتجده تلقائيا لديه استعداد فطري مخلص لتحمل مسئوليته الوطنية والمجتمعية، والمساهمة في بناء وطنه، والمحافظة على أمنه ومكتسباته، وبهذه المعطيات يتضح أن الولاء شعور قلبي عاطفي ينطوي على قيم وسلوكيات، فادعاءات الولاء اللفظية يجب ان تترجمها الأفعال بوضوح، لذلك لا يمكن التشكيك في انتماء شخص ما، ولكن ولاءه قابل للتشكيك؛ حسب ما يبديه من نشاط ومواقف وآراء معلنة في أي قضية أو أزمة تتعلق بوطنه، لذلك حتى يكون الفرد وطنياً حقا، انتماؤه وحده لا يكفي ما لم يلازمه الولاء الذي هو جوهر الانتماء، فقد ينتمي إنسان لكيان ما لكنه لا يجد في نفسه الحماس اللازم للبذل والتضحية من أجله؛ نتيجة ازدواج ولائه، ونخلص إلى أن الانتماء والولاء عملية متلازمة ومتمازجة وهما مكملان لبعضهما البعض!! بعد ايقاف حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، لبعض الرموز المحسوبة على الفكر والطريقة السابقة، يتضح لنا أن هناك إجماعا وطنيا وخطة إنقاذ رسمية لتحقيق الأمن الفكري تقوم على عزل واجتثاث فكر تسيّد الساحة لفترة طويلة حُقنت عقول الشباب خلالها بالأفكار والمناهج المستوردة حتى تجذّر فيها التشدد وأضعف في نفوسها الولاء، فكان طبيعيا أن تكون مخرجاته بعيدة عن ما يحقق تنمية وأمن الوطن والولاء له، لذلك ليس مستغربا أن تجد في كثير من الأحداث والأزمات من يتفاعل بشكل هستيري مع قضايا خارج حدود وطنه وتجده أكثر بروداً وأقل حماساً عندما يتعلق الأمر بقضية داخل حدود الوطن بالرغم من مساسها بوحدة وطنه وأمنه واستقراره، فمنهجية الدولة الجديدة تسير في اتجاه ايجابي؛ لتعالج الشرخ والخلل الولائي بايجاد وصناعة بيئة وسطية مناسبة، وهذا من شأنه أن ينشئ جيلا جديدا مستقرا فكرياً، يعتز بدينه وهويته الوطنية، ومنسجما ومتماهيا مع سياسة ومنهج وتوجه دولته، فلا شغل ولا همّ له إلا قضايا وتنمية وطنه وتطوير ذاته!!
مشاركة :