يا ترى.. ما الصحيح؟

  • 6/28/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

--> نقف أحيانا أمام مقولات متناقضة تطلق كلها على شيء واحد.. فنتساءل: هل هذا التناقض نابع من الشيء نفسه أم من اختلاف النظر إليه من الناس كل حسب تجربته؟ الزمن أو الدهر احتشدت حوله وعليه تلك المقولات الأشد تناقضا: فبينما يقول الشاعر ناظم حكمت اليوم أجمل من أمس يقول أبو العلاء: (أتَى الزّمَانَ بَنُوهُ في شَبيبَتِهِ فَسَرّهُمْ وَأتَينَاهُ عَلى الهَرَمِ) أما عمنا فيقول: وَكَأنّا لم يَرْضَ فينَا برَيْبِ الـ ـدّهْرِ حتى أعَانَهُ مَنْ أعَانَا كُلّمَا أنْبَتَ الزّمَانُ قَنَاةً رَكّبَ المَرْءُ في القَنَاةِ سِنَانَا لا يمكن ان نعرف الدلالات الحقيقية لهذه المقولات ما لم نعرف التجربة التي مر بها كل من المعري وناظم حكمت والمتنبي.. فهم مروا بتجارب مختلفة عبرت كل واحدة منها عن نفسها بما قال. التعذيب الأسود نفسيا وجسديا وتكسير الاجنحة اللذان مر بهما ناظم حكمت لم ير فيهما أي سواد لأنه كان يشق الطريق إلى المستقبل وكلما اتسع الزمن كان الآتي منه أجمل من الماضي. إنه يرى: المتنبي كان أكثر واقعية من المعري ومن حكمت فهو لم يثن مكر الزمن أو بالتعبير الفلسفي مكر التاريخ كأنّ القيودَ على مِعصميه مفاتيحُ مُستقبَلٍ زاهرِ اما المعري فكان الظلام محتشدا من حوله، وكلما مر الزمن ازداد الظلام سوادا، فلم يكن يستطيع ان يقول إلا ما قال: من أنه قد أتى زمنا هرما. المتنبي كان أكثر واقعية من المعري ومن حكمت فهو لم يثن مكر الزمن أو بالتعبير الفلسفي مكر التاريخ بل أضاف إليه أن هناك من أعان الزمن على مكره وهو الإنسان. الإنسان لم يدع عنان التاريخ طليقا.. بل راح يمسك به ويوجهه حسب رغباته.. هذه الرغبات التي هي في رأيه لا تستحق هذا الانحراف: وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتَفَانَى ويأتي السؤال راكضا: هل كان المتنبي ينظر إلى حالنا الآن.. أم أن الزمن هو الزمن والإنسان هو الإنسان في كل زمان ومكان؟. أجب أنت... مقالات سابقة: محمد العلي القراءات: 145

مشاركة :