< يعتبر الشاعر حسن الصلهبي في «هكذا يموت العالم، مختارات جديدة من قصائد ت. س. إليوت» أن «لقصائد إليوت اللاهثة فضاءات الشظايا لدرجة تبديها وكأنها مجمعة من أجزاء لا تكاد تجتمع إلا قسراً، ذلك لأن الانتقال من مقطع لآخر يكون فظاً بشكل صارخ، وتظل مخيلة الشاعر تقفز من معنى لآخر حتى يستحوذ الغموض على الأشياء والأحياء التي يتحدث عنها، ثم تتلاشى قبل أن نراها أو ندركها. ويبقى مسرح القصيدة الحقيقي متماسكاً ومتحداً في مخيلة الشاعر فقط. فقصائد إليوت تستبدل الواقع بمشاهد من الخيال: تيار الوعي الذي تكون فيه كل فكرة قصة لشيء حقيقي، بينما تشكل الأفكار مجتمعة مزاجاً واحداً يمثل وحدة موضوعية للقصيدة. شعر إليوت موارب ومخادع والوحدة الموضوعية لحالة الشاعر يمكن أن تُستنتج فقط من إشارات سردية عدة: أحداث متعددة يمكن أن تتبلور معاً لتشكل قصة موجزة ولقطات متكررة توحي بحكاية مشتركة. التجريب في شعر البردوني في كتابه «التجريب في شعر عبد الله البردوني» يقدم إبراهيم بن محمد بن يحيى هجري دراسة تتناول موضوع «التجريب في شعر عبد الله البردوني» مسلطاً الضوء على مفهوم التجريب، كاشفاً عن خصائصه، ودوره في صياغة وعي الشاعر البردوني، الذي يقول «إن الفنان لا يصل إلى حسن الاختيار إلا بعد سنوات من التجريب، لأن حساسة التمييز لا تنشأ إلا عن ثقافة ومراس...». وبناءً على هذا القول الصادر عن البردوني نفسه اعتبر المؤلف أن التجريب لن يمارسه الفنان ممارسة حقيقية ما لم يكن صاحب أصالة أدبية، تدفعه نحو التعمق في تراثه، فإذا كان الأمر كذلك استطاع الفنان أن يصل إلى حسن الاختيار والتجديد بفعل التجريب القائم على الأصالة الأدبية، والثقافة، والمراس (...)، وصولاً إلى التجديد والإبداع، فنصوصه نصوص حية تتفق مع مراحل حياته، وتتآزر عبرها أشكال البنية مع عوالم الرؤية. نخر السبيل تأتي أهمية كتاب «نخر السيل» للكاتب أحمد الحربي من كونه يعيد إحياء مشروع (قديم - حديث) في الثقافة العربية، فمجالس الأنس والمسامرات الأدبية وما فيها من تواصل مع أدباء وشعراء يعتد بهم في منطقة شبه الجزيرة العربية، هو الاختبار الأهم والدليل الأسطع على عمق الثقافة العربية ورقيها في منطقة جازان بوصفها أي (المسامرات) وثائق أدبية تعبّر عن روح عصرها، وتكشف عن أهمية الصداقة والتواصل بين الأفرقاء لإغناء الشعر بكل جميل بين ظهراني الوطن، وفي داخل (صالونات أدبية)، تنقل إلى القارئ العربي المعاصر أحاسيس وخلجات ومشاعر لا يُمكن أن تستكشف إلا بالأدب ورموزه من الكبار، ومن هنا تنبثق في هذا الكتاب الرؤى وترتسم في صياغة جديدة للوجدان والأفكار، وخصوصاً أنها تشكلت في مادة سردية مشوقة تحتوي على الطريف والمدهش والممتع، وانسكبت في نصوص حيّة عابرة للزمان، كما هي متوحدة بالمكان. (الكتب الثلاثة صدرت عن نادي جازان الأدبي).
مشاركة :