دبي: محمد رُضـا «بالنسبة للموسم الرابع من مسلسل (ذا ووكينغ دد) فإن التغيير الرئيسي هو أن السيناريو هذه المرّة سيعتمد على الشخصيات أكثر من السابق. نعم الوقائع موجودة، لكن بناء الشخصيات أقوى». يقول سكوت غيمبل على الهاتف من مكتبه في نيويورك ردّا على سؤالنا وهو الذي أمسك بتقاليد الإنتاج هذا العام لأول مرّة خلفا لغلن مازارا الذي اشتغل على المواسم الثلاث الماضية. نتكلّم بالطبع عن واحد من أهم المسلسلات التلفزيونية في السنوات الخمس الأخيرة. انطلق لأول مرّة في الواحد والثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) على القناة الفضائية MBC فأحدث رجّة بين المسلسلات لم تكن متوقّعة. بناء على نجاحه ذاك كررت القناة إنتاجها في العام التالي منجزة ثلاث عشرة حلقة، ثم استكملت ذلك بسلسلة جديدة للموسم الثالث شملت ست عشرة حلقة. يقول سكوت: «في رأيي أن النجاح الكبير الذي حققته هذه السلسلة له أكثر من سبب. من ناحية التلفزيون ليس مكانا متوقّعا لمسلسلات رعب من هذا النوع. نعم هناك أفلام رعب يتم عرضها، لكنها عروض متكررة لأفلام سبق عرضها في الصالات. أما (ووكينغ دد) فهو إنتاج مخصص للتلفزيون». ويضيف: «هناك أيضا مسألة أن المسلسل في واقعه ليس رعبا فقط. إنه دراما عن حياة الشخصيات البشرية في مواجهة الموتى - الأحياء ما يتيح تنوّعا أفضل. هذا علاوة على أن المسلسل تمتّـع دائما بمعالجة واقعية». جذور «ذا ووكينغ دَد» تمتد في اتجاهين، هو نتيجة ثقافة حكايات وأفلام الزومبيز والموتى - الأحياء الذين سيقلبون معدلات الحياة على الأرض بحيث يسودون ويشكلون خطرا مدهما ودائما على البشر الطبيعيين، ومقتبس، من ناحية ثانية، عن رواية كوميكس شعبية وضع حكاياتها كل من تشارلي ألدارد، توني مور وروبرت كيركمان. المخرج فرانك دارابونت («سرعة»: «ذا غرين مايل») طوّر الحكاية ليشكّل منها نواة حلقات الموسم الأول الذي فاجأ المشاهدين بقوّة مضامينه الاجتماعية وبحقيقة أنه في نهاية الأمر ينقل تيار الزومبيز إلى الشاشات المنزلية. يقول في اتصال آخر: «في رأيي أن أهمية تقديم هذا اللون من أفلام الرعب تكمن في المفاجأة التي توخينا أن نوفّرها للمشاهد في البيت. أعتقد أن مثل هذه الأعمال إذا ما عرضت سينمائيا فإن شعورا بالأمان يبقى سائدا على أساس أن المشاهد يدرك أنه سيخرج من الصالة ليستقبل الحياة العادية من جديد». ويضيف: «لكن المسألة تختلف حين تعرض مثل هذا الأعمال على الشاشة في البيت. المشاهد أقرب إلى المفهوم. يشعر بأنه غير محصّن. بأنه إذا ما نظر من نافذة منزله الآن فسيجد، على الأرجح، الزومبيز وهم يجولون في الشوارع». عواطف عاصفة سبب آخر لنجاح المسلسل تلفزيونيا يعود، في رأي المخرج داراونت، إلى الحبكة: «المسلسل التلفزيوني يتيح لأي قصّة معروضة التوسع والتمدد في اتجاهات مختلفة. هنا العدو ليس فقط الزومبيز بل آدميون أشرار فالتون من العقاب يهاجمون الآدميين الذين يكوّنون بطولة الحلقات. تلك الفئة التي هربت من المدينة وبحثت عن ملجئها في المناطق البرية. كذلك كما يعلم من شاهد الحلقات هناك عداوة تنشأ بين أفراد هذه الجماعة الثانية بدافع الغيرة أو بسبب مواقف عاطفية أخرى». منذ الموسم الأول نجد هذه الصراعات موجودة. هي زادت بين الفئة التي يتابعها الفيلم وبين طارئين أشرار في الموسمين الثاني والثالث، لكن الحرب القائمة بين الأصحاء والمصابين بالفيروس الذي يحوّل الجموع إلى متوحشين هي التي تبقى في الصدارة في الحلقات الخمس الأولى من المسلسل الأول. هذا قبل التوسّع لتقديم بعض الشخصيات تفقد اتزانها العاطفي فتقع في الحب رغم ارتباطها بأزواجهم أو زوجاتهن. في حلقات الموسم الثاني، تلعب الحكايات العاطفية المستخدمة مثل السكّر فوق الحلوى، دورا أكبر. هناك مجموعة من الناجين تلجأ إلى مزرعة هاربة من الموتى - الأحياء (أو The Walkers كما يسمّونهم). هناك وعلى عدد من الحلقات يتعاطى المسلسل مع حالات حب شخصية. مثل المرأة الحبلى التي لا تعرف من هو الأب بين رجلين عاشرتهما، والرجل الذي ضحّى بآخر ليضمن هروبه ثم عايش صحوة ضميره الذي يؤنبه على فعلته. طبعا من دون أن ينزع المسلسل عن نفسه الشحنة الطاغية من التوتّر. لكن واحدا من تطوّرات الحكاية تلك المعركة التي تقع بين ريك (الممثل أندرو لينكولن) وبين أصحّاء آخرين التي ينتج عنها مقتل اثنين. صوت إطلاق النار لتلك المعركة التي تقع في حانة نائية، يجذب الموتى - الأحياء الذين يحيطون بالمكان ويقتحمونه. ريك سيهرب وبعض أصحابه إلى المزرعة، لكن الموتى - الأحياء وفي الحلقات الأخيرة من الموسم الثاني سيكتشفون وجود المزرعة وسيهاجمون ساكنيها. منوال تلفزيوني هذا ما ينقلنا إلى الموسم الثالث حيث تكبر حدّة المواجهات مرّة أخرى. المسألة في كل هذه الحلقات هي صراع الحياة. لكن المكان يختلف هذه المرّة. لقد وجد الناجون بقيادة ريك سجنا خاويا باستثناء بعض المساجين السابقين الذين اختبأوا بعيدا عن حواس الزومبيز. الفريق يحصّن السجن ويتخلص من خطر الزومبيز ولو إلى حين. في الحقيقة شعور بالطمأنينة الزائفة يسود لبعض الوقت عندما يتم الكشف عن مدينة نظيفة من الزومبيز يمكن للجميع العيش داخلها. لكن سريعا ما يتبدّى أنها طمأنينة كاذبة هذا إلى جانب المزيد من الصراعات العاطفية التي بدت أحيانا كما لو كانت تبعد المشاهد عن جو التوتر المنشود لمسلسل قائم على صراع الحياة المرير بين أخيار وأشرار، إلا أنها كانت ضرورية لجذب جمهور البيوت الذي اعتاد على «السوب أوبرا» وأساليبها الحكواتية والميلودرامية. أما الموسم الرابع فسينطلق في الثالث عشر من أكتوبر والمنتج التنفيذي غيمبل يعد بأنه سيكون مختلفا كثيرا: «سيمثّل السجن أمل الحياة الوحيد لبعض الوقت. المكان يتحوّل داخل ردهة السجن وفي ممراته إلى حقل للنباتات لأن سكّانه يحتاجون إلى الطعام وعليهم زرع ما يمكن لهم أن يزرعوه لتأمين ذلك». لوهلة، تعد الحلقات الجديدة بأن تقدّم المكان وقد أصبح مقصدا لآدميين آخرين يقصدونه هربا من المخلوقات الفاتكة. المكان رحب ويتّسع وفي البداية سيبدو كما لو أن المتواجدين سيستطيعون، كما المشاهدين، نسيان الخطر المهيمن في الأفق. لكن فقط عندما يبدو ذلك ممكنا سنجد الموتى - الأحياء وقد أخذوا يحومون حول المكان ثم يتكاثرون أمام جدرانه وحواجزه بهدف اقتحامه. «هناك مفاجآت أخرى لا أستطيع الحديث عنها»، يقول غيمبل ناهيا. لكن الشعور السائد في أوساط الصناعة التلفزيونية هي أن الكثير متوقّف على نجاح هذه الحلقات التي ستأخذ المشاهدين إلى تحديات جديدة. المنتجة آن هيرد غايل صرّحت لمجلة «إنترتاينمنت ويكلي» أن المزيد من الصراعات خارج نطاق الزومبيز ستبرز بين الأحياء أيضا «لأن صراع الحياة يبقى الدافع الأول لنا جميعا وأي منّا في مثل هذا الوضع سيجد نفسه في حرب دائمة مع كل الأطراف التي يعتقد، عن خطأ أو عن صواب، بأنها تشكل خطرا عليه». ومع أن بطل الحلقات، الشريف ريك، انشغل في الآونة الأخيرة بتلك الصراعات الداخلية ثم بمحاولته الدؤوبة حماية ابنته التي وُلدت خلال الحقبة، إلا أنه سيبقى محور ما يدور على نحو أو آخر. الممثل أندرو لينكولن شخصية محبوبة من قِبل مشاهدي هذه الحلقات وهو يحصد قدرا من التوتر بسبب طريقته في الأداء. حتى عندما رأيناه يمشي وحيدا على طريق ريفية بعدما نفذت سيارته من الوقود. تخشى عليه من مطاردة مخلوق متوحّش في هذا الخلاء الصامت. بعد قليل تنتقل معه إلى وضع جديد: لقد وجد فتاة زومبي لا تستطيع الحراك ملقاة إلى جانب الطريق. يسحب مسدّسه ويطلق عليها رصاصة الرحمة. لا تفرح ولا تحزن، بل يسودك ما يسوده: الوجوم!
مشاركة :