اشتكت "أوبرا وينفري" من سلوك واجهته في أحد المتاجر في سويسرا. إذ طلبت من البائعة في المحل أن تريها حقيبة ما. فاعتذرت البائعة منها وتأسفت أنها لا تستطيع ذلك لكون الحقيبة غالية جداً، عادت أوبرا وأصرت على رؤية الحقيبة التي تبلغ قيمتها 38 ألف دولار!! لكن البائعة اعتذرت مرة أخرى لأوبرا!! وأصرت على رأيها وقالت لأوبرا: لا تري هذه الحقيبة، لا بد أن تري أخرى وأشارت الى حقيبة أخرى، لأن الحقيبة التي تريدين رؤيتها ستكلفك الكثير ولن تستطيعي دفع ثمنها!! أصرت أوبرا للمرة الأخيرة على البائعة فأجابتها البائعة: لا أريد ايذاء مشاعرك! تعني البائعة هنا أن أوبرا لن تستطيع شراء هذه الحقيبة حتى وإن أعجبتها، أجابتها أوبرا شكرا ربما أنتِ على حق، وغادرت أوبرا المتجر! أوبرا عرضت ما حصل لها في برنامج عن العنصرية وكيف يعاني الشخص من التمييز العنصري الموجه ضده. وبدوره أعلن مدير المحل في سويسرا اعتذاره وأن ما حصل سوء فهم ولا يمت للعنصرية أو التعصب بصلة! وأن البائعة شعرت وقتها بالاحراج من سعر الحقيبة الخيالي واجتهدت لتعرض على أوبرا حقيبة أخرى تعتقد أن سعرها مناسب ومعقول وتستطيع أوبرا دفعه! كما أن موظفة أخرى أشارت الى أن البائعة ايطالية وتتحدث الانجليزية ولكن ليس بشكل ممتاز كأوبرا، فاللغة عائق هنا ولربما هذا أدى الى وقوع ما حصل. أوبرا تعتقد أنها تعرضت للعنصرية بسبب لون بشرتها وأيضا لكونها امرأة! آخرون ممن علقوا اعتقدوا أن تصرف البائعة غير جيد لأنها قللت من القدرة المالية لأوبرا وهذا سيىء، في حين آخرون قالوا نفضل أن يقلل البائع من قدرتنا المالية لشراء حاجة ما عوضا من أن يضخم تلك القدرة!! في اعتقادي أن ما حصل يحتمل أكثر من تفسير! هل مظهر "أوبرا" بملابس عادية جدا، أدى الى أن تكوين انطباع لدى البائعة أن أوبرا عاجزة عن شراء مثل هذه الحقيبة؟ أم أنه فعلا بسبب لون أوبرا ولكونها امرأة! أم أنه سوء فهم واللغة عائق! أم أن أوبرا حركها غضبها أكثر لعدم معرفة البائعة لها! كل ما سبق وارد. اجمالا البائعة تسرعت في اصدار الحكم على قدرة أوبرا المالية، وفي الحقيقة كلنا نتسرع في اصدار الأحكام على الآخرين ونميل لتكوين الانطباعات السريعة شئنا أم أبينا! لكن في وضع البائعة هنا من المفترض أن تكون أكثر حرصا وتحكما في انطباعاتها. في هذا السياق هناك كتاب جميل ورائع صدر حديثا في هذا العام عنوانه "Blind People,Hidden Biases of Good People" ونستطيع ربما ترجمته ب" النقطة العمياء، التحيزات الخفية لدى الأشخاص الجيدين". يستعرض الكتاب التحيز والتعصب الجنسي والعمري والعرقي والديني والطبقي والقومي، ويقصد الكتاب بالنقطة العمياء هنا أننا جميعنا لدينا تحيزات وبدون وعي أو تحكم من عقلنا الواعي، وأن هذه التحيزات للأسف تشكل ادراكنا وأحكامنا عن شخصيات الآخرين وقدراتهم وتصرفاتهم. لذلك وقبل أن نهاجم البائعة وننتقدها لتصرفها، أفكر كم بدر منا يا ترى هكذا تصرف وربما أسوأ تجاه الآخرين ويكون محركها تلك التحيزات العمياء؟!
مشاركة :