لمن نبكي؟ - د. حنان حسن عطاالله

  • 8/21/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

كنت أمارس رياضة المشي في سكن الجامعة عندما سقط طفل عن دراجته يبلغ من العمر حوالي تسع سنوات ولم يكن وقوعه سهلاً. ولذلك هرعت لمساعدته ومواساته ولاحظت علامات الألم فى وجهه ولكنه أسرع بركوب دراجته مرة أخرى متجهاً نحو منزله ولم يبك أو يشتكي من شيء! وعرفت بل أيقنت أن هذا الطفل سيبكي ويشتكي بمرارة حالما يصل لبيته وفي أحضان أمه ولن يبكي عندي وأنا الغريبة عنه ولا تمت له بصلة وليس بيننا تاريخ مشترك! ذكرني هذا الحادث بأمرين مهمين، أولهما قدرة الإنسان على الضبط والتحكم حتى في سن مبكرة. فهذا الطفل رغم ألمه استطاع التحكم في ردود فعله وفي تحمل عدم التعبير عن ما يشعر به حتى يصل لبيته وأهله. والنقطة الثانية أهمية الآخرين في حياتنا والأسرة بالذات. فهذا الطفل أدرك أنني غريبة وأن البكاء والشكوى محلهما الأسرة لذلك لم يأبه لتعاطفي معه. وهذا أيضاً يؤكد لنا أهمية تلك العلاقة التي تربطنا بالآخر سواء كانت أسرة أو صديقاً. وتؤكد لنا أننا لا نشارك الآخرين فرحتنا بل حتى دموعنا ونستطيع التحكم في ذلك وتأجيله حتى نلتقي من نحب وبالتالي نلقي عليهم بأثقالنا التي تحملناها لفترة قد تطول أو تقصر! السؤال لمتى نتحمل أعباء الحزن والقهر قبل أن نشاركها الآخرين الذين لا تربطنا بهم علاقة عاطفية إذا لم نجد من نحب قريباً منا؟!. هذا يجعلني أفكر أن الأسرة لا بد أن تكون الملجأ والحضن لآلام الشخص مهما اختلف الفرد مع أسرته أو اختلفوا معه في توجهاته واختياراته في الحياة! وإلا فلمن يلجأ!. لذلك نجد أن الدراسات ترينا أنه في حالات الحوادث والأمراض المزمنة والأزمات النفسية ومما يسرع من عودة الشخص لحياته الطبيعية وشفائه هو وجود الدعم الاجتماعي أو ما يعرف بالإنجليزية Social support. في النهاية الإنسان قد يتحكم في ألمه كما تحكم فيه هذا الطفل، ولكن فترة كبت الألم المفترض ألا تطول وأن يجد الإنسان الاحتواء سريعاً. وإن لم يجد الاحتواء من الأهل قد يبحث عنه للأسف عند آخرين أو بطرق لا تحمد عقباها!!

مشاركة :